أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / تأمل في سفر الأمثال 30 : 11-14

تأمل في سفر الأمثال 30 : 11-14

تأمل في سفر الأمثال 30 : 11-14

إعداد الأب فادي هلسا

جيل يلعن أباه ولا يبارك أمه. جيل طاهر في نفسه وهو لم يغتسل من قذره.

جيل ما أرفع عينيه وما أعلى حواجبه. جيل أسنانه سيوف وأضراسه سكاكين لأكل المساكين على الأرض والفقراء من بين الناس.

ما أشد حنيننا للأجيال القديمة وحياتها. يومَ كانت الأسرة أسرة واحدة فاعلة، لكل واحد عمله، وبرغم شحة الموارد كانت البركة فاعلة نتيجة الإيمان القويم الذي عاشه أهلنا من قبلنا.

تجد الأب في الحقيقة قدوة في الإيمان والأعمال بل وفي الحياة كلها. وتجد الأم نشيطة تعمل بلا كلل صباحاً ومساءً، في البيت والحقل والزرع والحصاد والغنم وتربية الأولاد، والكل قانع بما يحصل عليه، والكل يسأل البركة في المال والأولاد فيجدها. هذه النوعية من البشر وضعت يدها في يد الله، فسار بها نحو الأمان والطمأنينة. كان الحب سيداً لهم يعيش وينام معهم، الابن لأهله والأب لكل البيت والقريب والضعيف وعابر السبيل، ساد الاحترام الجميع لعظم الإيمان والتقوى. وحتى الموت بالجسد كان قليلاً والناس في غالبيتهم معمرون .

وكل جيل يأتي ويقول: الله على من سبقونا. هذه الأيام فسد كل شيء، الهواء ملوث، الأمراض كثيرة، والغذاء يسبب المرض، وكل يوم نسمع بآفة جديدة ومرض جديد. فقد الإنسان البركة في المال والأولاد. يقول الأب لابنه يا ابني اعمل كذا، فيتلكأ الابن ثم يقول وبامتعاض: لي شخصيتي المستقلة ، أعمل ما يناسبني، لا يتدخل أحد بما يخصني.

تجد لعنة الابن للأب قضية عادية، والوقوف والزجر للأم مسألة طبيعية، تجد عقوق الوالدين قد كثر ويكثر في أيامنا. أصبحت الأجيال الحاضرة سطحية فارغة ملؤها التكبر وألسنتها قاطعة لا ترحم القريب أو البعيد ولا يسلم من تلك الألسنة أب أو أم أو أخ أو كاهن وحتى الرب نفسه لا يسلم من الشتم ولأتفه الأسباب.

أما في الكنيسة فأصبحت ممارسة الأسرار قضية شكلية. فالمعمودية خلت من رونقها المسيحي الحقيقي، وتناول القربان بلا حماسة وشوق واستعداد، ومراسيم الزواج أصبحت شكلية، هذا الكاهن أطال وذاك اختصر، وسر الاعتراف والتوبة مفقود ولا يمارس إلا نادراً، والكاهن موجود في الرعية شكلياً لأجل المراسيم ويكاد يفقد وظيفته الأساسية وهي التعليم وتقديس الأسرار.

ترى التكبر والغرور والغطرسة هي سمات الناس اليوم، والمعظم يقولون لماذا الكنيسة؟ لأنه لا يحتاجها فهو بار ونقي وطاهر، بل يريد الكنيسة أن تقدم له كل شيء، وهو في غاية الكسل . فهو يريد منحاً دراسية وحفلات وسفرات وأن توفر له كل شيء وهو لا يقدم شيئاً، ولا يعتبر نفسه من الرعية إلا عندما يحتاج إليها فقط. نقول له الفقير والمسكين وبيت الله، يقول كلنا فقراء ومساكين وبيت الله له الله، وليس له فينا ولا لنا فيه.

من هنا يا أحباء كيف سيبارك الله المال ؟ وكيف سيبارك في الأولاد؟ وكيف سيبارك في غلة الأرض؟ وكيف سيمنح النعم التي كان يمنحها لآبائنا بغير حساب؟ .

ينظر الرب من سمائه فيرى أن كل شيء قد فسد. والكل زاغ بحسب هواه، وأصبح الإيمان والأعمال الصالحة ُُمُثلاً عليا صعبة التحقيق، ويرى الرب ظلام الفجور والخطيئة مسيطراً على كل شيء..

أيها الأحباء:

ما أجمل التأمل والرجوع إلى الماضي القريب، نستعرض فيه حياة السلف الصالح من آباء وأجداد الذين ما زلنا نذكر أقوالهم وأفعالهم الصالحة إلى اليوم لنأخذ منها العبر وهدي الطريق.

ما أجمل الرجوع لأحضان الكنيسة لتضمنا إلى صدرها كأمٍ رؤوم.

ما أجمل أن نعود لكلمة الله المباركة، ننهل من نبعها الصافي لنتخلص من كل ما يعكر صفو حياتنا في المسيح . ما أجمل أن نجدد عهد النعمة ومحبة الله والقريب، ونكون ُسُرجاً وقناديل موقدة يستنير العالم كله بها. ما أحلى أن تعود قيم الروح التي كانت في حياة السابقة لتجدد عرى المحبة والثقة في الأسرة الواحدة، لنكون جيلاً بعد جيل ناسًا مخلصين لربنا وكنيستنا وأسرارها المقدسة التي تنعش حياتنا لنغادر الحاضر نحو المستقبل السعيد مع الملائكة والأبرار والشهداء والصالحين. آمين

إعداد الأب فادي هلسا

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.