أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / دير برعيتا و دير مار كيوركيس – كرمليس

دير برعيتا و دير مار كيوركيس – كرمليس

دير برعيتا

يعتبر دير برعيتا الواقع على ضفاف نهر الكومل الدير الأم للعديد من الديورة ، فقد خرج منه العديد من الرهبان الذين أسسوا أديرة في منطقة سهل نينوى بعد ان قضوا ردحا من الزمن في دير رئيسهم برعيتا ، منها ثلاثة رهبان أسسوا أديرتهم في كرمليس ( الكرمليسيان مار كيوركيس و مار يونان والديلمي مار يوحنان المعروف بربان يوخانا ) والراهب هرمزد الذي اسس ديره في جبل بيث عذري بالقرب من ألقوش والمعروف بدير الربان هرمز الفارسي ، وديرا آخر على عين ماء كرمليس في ترجلة لراهب مجهول الأسم . والراهب الشهيد القديس إيشوعسوران ( وجدت ميناثه في خرائب دير مار كيوركيس – كرمليس )

من هو برعيتا ( إبن الكنيسة ) : إستنادا الى سيرة الحياة التي كتبها تلميذه الربان يوحنان الديلمي ( و في بعض المخطوطات يطلق عليه لقب الفارسي ) ، أن برعيتا ولد عام 508 م في مدينة الرصافة الواقعة على نهر الفرات في مقاطعة الأنبار ، لقد تناول حياة برعيتا و تاريخ ديره العديد من المؤرخين و المستشرقين ، منهم المطران أدي شير في مجلة المشرق المسيحي (باللغة الفرنسية) عام 1906 ، القس أوراهام زابايا ، المستشرق السير واليس بدج ، المطران سليمان صائغ ، روبنس دوفال ، غير ان الأبحاث التي قام بها المستشرق الفرنسي جان موريس فييه الدومنيكي (1914 – 1995 م ) تأتي على قمة هذه الأبحاث مستندا على المعلومات الواردة في المخطوطات الكلدانية القديمة التي تضمها كنيسة كرمليس . وكان من الصدف الجميلة أن ألتقيت هذا المستشرق مرتين ، إحداها في مطرانية الكلدان في كركوك و الثانية في دار الطيب الذكر المرحوم الشماس متي أنيسة آل مصلوب .

إلتحق برعيتا في بداية رهبنته بدير مار أوراهام المعروف بدير (إيزلا) وبقي فيه مدة 23 عاما وبعد ذلك ترخص من رئيسه أن يخرج من الدير ليؤسس ديرا له ، وإستنادا الى كتابات ( إيشوعدناح ) أن برعيتا إختار موقعا ليؤسس ديره في الضفة الغربية لنهر الكومل ( بالقرب من مخلط الخازر بالكومل ) وبالقرب من قرية عمر مندان الحالية ويبعد 6 كم شمال شرق كرمليس ( لازالت آثاره موجودة و شاخصة لحد الآن ) وكان تأسيس الدير عام 562 م في عهد البطريرك إيشوعياب الأول ، وقد ساعد أهالي القرى المجاورة في بناء الدير منهم أهالي كرمليس المباركة (كما جاء في المخطوط) وضاحيتها الجنوبية (بارشيرا) موقعها في المرتفع المعروف ببرشير ، وقرية برزاخي و ماروثا وباووثا والتي بالقرب منها أسست ” حنانيشوع ” شقيقة برعيتا ديرها المعروف بدير ” بامبرونيا ، ويرجح المطران سليمان صائغ أن إحدى راهبات هذا الدير أسست ديرا بالقرب من كرمليس وكان يسمى دير ” فبرونيا ” القديسة النصيبينية التي إستشهدت عام 304 م ، وهذا الدير هو غير الدير المعروف بدير ” بناث مريم ” الذي كان ملاصقا لدير ماركيوركيس – كرمليس . ويكون بذلك عدد أديرة كرمليس خمسة ( مار كيوركيس ، مار يونان ، ربان يوخانا ، بناث مريم ، فبرونيا ) وبذلك تكون كرمليس قد تبوأت الرقم القياسي بعدد الأديرة . توفي برعيتا في عام 611 م عن عمر ناهز 103 سنوات ، غير أن ديره بقي عامرا برهبانه العديدين فترة طويلة من الزمن ناهزت سبعة قرون حتى بعد عام 1362 م بفترة غير محددة عندما تم الأستيلاء عليه من قبل وكيل الدير .

دير برعيتا ينتقل الى كرمليس :

أن قصة الأستيلاء على دير برعيتا تتلخص بما يلي : ورد في كتاب الرؤساء لتوما المرجي ، أن معظم الديورة كان لها وكلاء علمانيون يتولون شؤون الدير الخارجية من تسويق و تموين والأتصال بالجهات الرسمية ، وكان في أواسط القرن الثامن الميلادي وكيل دير برعيتا رجل عربي يدعى ” أياس الدوهلي ” من بدو قبيلة شيبان ، وقد أعطى رهبان الدير لأياس قطعة أرض ليبني عليها زريبة لأغنامه ، غيرأن أياس بدلا من أن يشكر الرهبان على ذلك ، إستولى على أراضي أخرى تعود للدير فبنى خانا عليها على حافة طريق الملك ” أورخا د شلطانا ” كما يسمونها الكرمليسيون . إستمر أياس في تنفيذ خطته فيستولي شيئا فشيئا على أراضي الدير القريبة ، و بعد ذلك قتل أمين صندوق الدير وألقى جثته في أحد الآبار ، وخطط أياس لقتل رئيس الدير ، وعندما علم رئيس الدير بذلك ترك رئيس الدير ديره ورحل بعيدا . وبعد ذلك بدأ دير برعيتا بالنزول و التدهور نتيجة الخناق الذي فرضه أياس و خلفاؤه والأستيلاء على أملاك الدير ، ويقول ” إيشوعسوران برمامي ” أن الدير لم يختفي من خارطة الحياة و بقي مستمرا في الخدمة حتى نهاية القرن الثامن حيث نقل مذبحه ، ويستنتج جان موريس فييه وإستنادا الى ما كتبه العمري أن الدير نقل بكامله (الرهبان و محتوياته ) الى كرمليس بعد عام 1362 م ، غير أن أتباع الكنيسة الكلدانية أعادوا الحياة إليه في الجيل السابع عشر حيث تفيد وثيقة الوفد المرسل الى روما والمؤرخة عام 1607 م أن دير برعيتا كان تحت إدارتهم ، ولكن ليس من المعروف إن كان المقصود به هو دير برعيتا الأصلي على مخلط الكومل و الخازر أم دير برعيتا المنقول الى كرمليس ومن المرجح أن رهبان دير برعيتا إلتحقوا بدير مار كيوركيس – كرمليس .

دير مار كيوركيس

أما دير مار كيوركيس فهي كنيسة مار كيوركيس الحالية المشيدة في الجهة الشمالية من بلدة كرمليس والتي تحولت في العصور المتأخرة الى مقبرة . أنشأ هذا الدير الراهب (كيوركيس) الكرمليسي تلميذ الربان برعيتا في أواخر القرن السادس الميلادي والذي لازال بناؤه شاخصا لحد الآن ، وبذلك يعتبر هذا الدير أقدم بناية في القرية ، كان كيوركيس في بادئ الأمر راهبا في دير مار أوراهام الكبير في جبل إيزلا ، وبعد أن مكث مدة طويلة هناك ، جمع الأب أوراهام الرهبان وخطب فيهم وأوعز لثلاثة منهم (برعيتا ، كيوركيس ويوحنان الذي كان شيخا كبيرا ) . أن يبنوا أديرة جديدة لهم في منطقة نينوى وبيث نوهدرا (دهوك وأطرافها) .

بقي كيوركيس مدة غير معروفة في دير الربان برعيتا وكان هو رئيسا للشمامسة ومسؤولا عن الأمور المالية والخزينة فيه . وبإشرافه أيضا تم توسيع الدير على نفقة أحد المحسنين المدعو (خوداهوي بن شبحي) من قرية (بيث قوبا) . الذي أعطى للربان كيوركيس ما قيمته سبعة قنطارات من النقود لكي يبني مذبحا ومعبدا ومسكنا للجماعة وقلايات للرهبان .

وبعد أن أتم كيوركيس خدمته في دير برعيتا إستأذن رئيسه الراهب برعيتا بأن يخرج من الدير ويبني له ديرا ، فخرج الى جبل حزة في نواحي أربيل وحيدا يتقوت الثمار والحشائش ، فإنتشر خبره بين الناس والرعاة ، وإبتدأ يبرئ الأمراض وإجتمع إليه جمع غفير وبنى ديرا لهم ، وتبرع له المؤمنون من إهل المنطقة بأراضي وأملاك أوقفوها للدير . وعندما شعر بأن نهايته قربت أراد أن يبني ديرا في منطقته ، فخرج من ديره وجاء الى كرمليس مسقط رأسه ، فبنى بالقرب منها ديره المعروف وكان ذلك قبل عام 596 م ، إذ جاء في كتاب المجدل لعمرو بن متي : ” …. وفي أيام البطريرك إيشوعياب الأرزني المتوفي سنة 596 م ، من القديسين مار إيليا صاحب دير سعيد بالموصل ، وربان برعيتا وتلميذه ربان كيوركيس وديره عند كرمليس ببلد الموصل ” .

المصادر:

حبيب حنونا : ” تاريخ كرمليس ” بغداد 1988

BUDGE, Walis ” The History of Rabban Hurmizd and Rabban Bar Idta ” London 1902

FIEY , J. Maurice : “ Assyrie Chretienne “ , Beirut 1965

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.