القيامة هي الخليقة الجديدة
الاب أدّي بهجت صليوه، راعي كنيسة مار توما الرسول
يصوّر لنا الإنجيلي متّى شخصية يسوع كآدم الجديد الذي به كوِّنت الخليقة الجديدة. لذلك يبدأ إنجيله بنسب يسوع، ويتراءى لنا من خلال الإشارة إلى الخليقة الأولى في سفر التكوين (2: 4): “هكذا كان منشأ السموات والأرض حين خلقت، يوم صنع الرب الإله السموات والأرض”. أسلوب النسب في الفصل الأول من انجيل متى نلاحظه أيضًا في سفر التكوين (5: 1-2): “هذا هو سجل مواليد آدم، يوم خلق الله الأنسان على مثال الله صنعه. ذكرًا وأنثى خلقه وباركه وسماه آدم يوم خلقه”. وغاية متّى هي ليوضّح بأنّ كتاب العهد الجديد هو الخلق الجديد، لذا انطلق من ميلاد وموت وقيامة يسوع المسيح.
في (متى 1: 18-20) ذكر الروح القدس في الحبل بيسوع، ولربما أشار الى أبعد من يسوع؛ إلى الروح المذكور في سفر التكوين (1: 2)، كتذكير بالخلق الأول. قال: “وهذه سيرة ميلاد يسوع المسيح… إنها حبلى من الروح القدس” (متى 1: 18-20). يبدأ لوقا إنجيله بميلاد يسوع وينتهي بآدم: “بن آدم، ابن الله” (لوقا 3: 38). الهدف من تطابق يسوع بآدم الأخير هو لتشبيه يسوع بآدم في ملء الزمان، ابن الله الحقيقي الذي قاوم التجارب التي استسلم لها آدم وحواء في جنة عدن، “وكان هناك مع الوحوش، وكانت الملائكة تخدمه” (مرقس 1: 13).
ضمن إطار الخلق الجديد نرى معجزات وشفاءات (شفاء مصروعين ومقعدين ومن بهم شياطين)، يقوم بها يسوع ويجدد بل يؤسس الخليقة الجديدة، والملكوت الذي كان على آدم أن يحافظ عليه. المعجزات والشفاءات (وكلّ الذين شفاهم يسوع) تدلّ جميعها على إعلان الخلق الجديد، عندما سيُشفى الناس من مرضهم بالكامل، وخصوصًا الذين أحياهم من بين الأموات. وقيامة يسوع المسيح كانت أولى الثمار لكل المؤمنين به، هم مثله سيقومون بالأجساد الكاملة في نهاية هذا العالم وسوف يشاركون في العالم الجديد.
لما مات يسوع، يقول لوقا الانجيلي (23:46): “صرخ صرخة قوية”، وألقت هذه الصرخة بتأثيرها على الهيكل: “تمزّق حجاب الهيكل”، هذا يعني أنه لم يعد شيء يحجب الربّ عن عيون المؤمنين. في موت يسوع، صار الله حاضرًا في البشريّة، من حيث إنه مات فقد مات مرّة واحدة، ومن حيث إنه حيّ فهو حيّ إلى الأبد.
إن قيامة يسوع المسيح من بين الأموات هي الطريق الصحيح لدخول الملكوت، وأصبحت جزءًا من الأرض والسماوات الجديدة، ويسوع القائم يخلق أجسادهم بقوله: “نلت كل سلطان في السماء والأرض” (متى 28: 18) مشيرًا إلى (دانيال 7: 13-14) الذي تنبأ بأن ابن الانسان أُعطي السلطة والمجد والسيادة إلى الأبد. بعد القيامة، يدعو يسوع التلاميذ ويعطيهم مباشرة مهمّةً عظيمة ويرسلهم قائلاً: “فاذهبوا وتلمذوا كل الأمم… وعلموهم… وها أنا معكم كل الأيام…” (متى 28: 19-20). إن صيغة الدور الإلهي “وها أنا معكم كل الأيام” تشير إلى كل الأممّ، وهي صدى لسفر التكوين (22: 18): “ويتبارك في نسلك جميع أممّ الأرض لأنك سمعت لي”، وبنفس الأسلوب في (تكوين 18: 18) “… ويتبارك به جميع أممّ الأرض”، وهو الآن قد تمّ بيسوع المسيح القائم من بين الاموات.
هكذا المسيح هو “ابن آدم بن الله” (لوقا1: 38)، الذي بدأ يعمل ما كان يجب عليه أن يعمله آدم الأول. يسوع جاء وطاع بمحبة “حتى الموت” – على عكس آدم الذي عصى الله -، وبقيامته من بين الأموات صار هو البداية ورأس الخليقة الجديدة.
9 نيسان 2021