أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار البطريركية / إشكاليّة الآخر!

إشكاليّة الآخر!

إشكاليّة الآخر!

البطريرك لويس روفائيل ساكو

هناك من يتحدث عن الوحدة، والتسمية الموحدة (من طرف واحد)، انما يتحدث عمّا يعتقده هو فقط، وهو لا يؤمن بالوحدة. طروحاته كلها تنبع وتصب في لونٍ واحد، وهدفٍ واحد، ويفرضه على الاخر من دون ان يحترم ما يشعر به الآخر أو يجرحه.

الوحدة التي يريدها هي: تعميم قوميته ولغته وحزبه. لا يقيِّم الناس الا بقبولها، لانه يَعُدُّها الحقيقة المطلقة! انه لا يقرأ الا العنوان، ولا يفكر ولا يحلل، بل يعلِّق بتهكم ويحتج ويندّد. من المؤسف ان هذا الاخر موجود عند الكلدان والاشوريين والسريان وعند غيرهم أيضاً.

هذا التفكير الانفرادي المتحيّز يدل علىى هشاشة ثقافته وعدم إستيعابه للتحولات الحاصلة في المجتمع والكنيسة. إنه لم يطوِّر نفسه، بل بقي متمسكاً بعقليته القديمة التي نشأ عليها بحذافيرها، عقلية انتقائية، استبدادية ترفض الآخر المختلف، وتُشيطنه وتعمل على اقصائه والغائه، بدل ان يفرح بتقدمه ونجاحه!

يتجاهلُ ان التعددية والتنوع مظهر من مظاهر الطبيعة البشرية، ونعمة من الخالق، ومصدر غِنى وقوة للتقارب، والتواصل والتضامن، والعيش معاً بسلام واستقرار.

 لقد علمتنا الحياة ان التعصب موقف عنصري. خطورته في أن يتحول الى شخص عدواني فاشيّ، يبث الكراهية والعداء. أما الشخص المنفتح على الاخرين ويصغي اليهم ويتحاور معهم بصدق، يوسع مجالات “أناه” و يتغير وينضج.

نحن نعرف أن الحوار ليس شكليّاً، بل هو لقاء هاديء وحضاري مباشر يحررنا من افكارنا الثابتة، ويقرّبنا الى معرفة الحقيقة، واحترامها وتوحيد الجهود للتعاون المتبادل.

الحوار يجسّدُ قيمة انسانية ودينية راقية. الحوار يعرّفنا بوجهة نظر الآخر، ويجعلنا نحترم حقه في التعبير والاختلاف، مما يقود الى بناء عَقدٍ اجتماعي سليم، وعيش مشترك متناغم. احترام هذه المباديء والاخلاق هو ما يعطي الشرعية للحديث والمواقف.

عندما ادافع عن حق الكلدان، ادافع في الوقت عينِه عن حق السريان والآشوريين والأرمن في هويتهم القومية والكنسية، واحترمهم انطلاقاً من إيماني المسيحي بما ارجوه لنفسي، ينبغي ان ارجوه لغيري.

مجتمعنا المسيحي يحتاج الى جهدٍ من المعرفة والاحترام، والتسامح لنتغلب على هذه العقلية المتحجّرة.

عن patriarchate

شاهد أيضاً

مسيحيو الشرق “كنز” ينبغي المحافظة عليهم

مسيحيو الشرق “كنز” ينبغي المحافظة عليهم في ضوء الجمعيّة السينودسيّة القاريّة للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة 12-18 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.