أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / سر الافخارستيا

سر الافخارستيا


الافخارستيا في قلب الحياة الكنسية والمسيحية . بها يحضر المسيح شخصيآ لشعبه في السر الفصحي . يقول المجمع الفاتيكاني الثاني : ( في الليلةالتي أسلم فيها ، ليلة العشاء الاخير ، وضع مخلصنا ذبيحة جسده ودمه الافخارستية ، كي تستمر ذبيحة الصليب عبر الاجيال حتى مجيئه ، وكي يستودع كنيسته – عروسه المحبوبة – ذكرى موته وقيامته: (سر الحب وعلامة الوحدة ، ورباط المحبة ، ووليمة فصحية حيث يؤكل المسيح فتمتلىء النفس نعمة وتعطى عربون المجد الآتي ) . ويقول المجمع ايضآ ( لمّا كان المسيح هو قلب الحياة الكنسية والمسيحية – اذ أنه بتجسده وعمله الفدائي ، شفانا ودعانا الى الاشتراك في حياة جديدة ، تربطنا بعضنا ببعض كأبناء الله معدّين للاشتراك في حياة الثالوث – أصبحت الافخارستيا هي محور الحياة المسيحية وذروتها المكللّة ، وهي : ينبوعع التبشير كلّه وقمته ) . فاذا حذفت الافخارستيا حذفت المسيحية .

ان النعمة التي وهبت في العماذ ، وتقوّت في التثبيت ، موجهّة الى الاتحاد بالمسيح القرباني والاشتراك في القداس ذبيحة الخلاص ، وكما يقول القديس أغناطيوس الانطاكي ( الافخارستيا دواء الخلود ) ، فهي تكميل مفاعيل الشفاء الكائنة في سرّى التوبة ومسحة المرضى . اما سر الكهنوت فموّجه الى تقدمة الذبيحة القربانية . اما سر الزواج فهو يرمز الى الاتحاد القائم بين المسيح والكنيسة بفضل الافخارستيا

العماذ : من حيث هو أنضمام الى المسيح بالايمان ( انا خبز الحياة ، من يقبل اليّ فلن يجوع ابدآ ، ومن يؤمن بي فلن يعطش ابدآ. يو 6 :35 ).

التثبيت : ( من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وانا فيه . يو 6: 56 )

التوبة : ( هذا هو دمي الذي يسفك لمغفرة الخطايا . مت 26 : 28 ) ، ( ان من يأكل خبز الرب او يشرب دمه بلا أستحقاق يكون مجرمآ الى جسد الرب ودمه . 1 كور 11 :27 ) .

مسحة المرضى : ( من يأكل جسدي ويشرب دمي له الحياة ، وأنا أقيمه في اليوم الاخير . يو 6 : 54 ) .

الكهنوت : ( هذا هو جسدي … أصنعوا هذا لذكرى . 1 كور 11 : 24 – 25 ).

الزواج : من حيث هو عهد قائم بين الرجل والمرأة ، وعلامة للعهد الجديد بين الله والانسان ( هذا هو دمي ، دم العهد الجديد . مت 26 : 28 ) . ومن حيث ان الزواج علامة للعهد بين المسيح والكنيسة التي ( تزوجها ) على الصليب (والصليب في قلب الافخارستيا ) ، فصارا ( جسدآ واحدآ . تك 2 : 42 ) . ( ان هذا السر لعظيم ، اقول هذا بالنسبة الى المسيح والكنيسة . أف 5 : 32 ) هذا والمسيح لما حوّل في عرس قانا الجليل الماء خرآ يو 2 : 3 – 10 ، اعطانا في ذلك اشارة الى تحويله في الافخارستيا الخبز والخمر الى جسده ودمه . من هنا يصحّ القول أن الافخارستيا هي [ سر الاسرار ] . فأنها تدخلنا في سر الفداء كلّه ، وتسلمنا كافة كنوزه ، اذ هي تحقق حضور المسيح المائت والقائم من الموت لأجلنا . فالأفخارستيا هي ينبوع كل حياة مسيحية وقمتها ومحورها .

يقول المسيح لنا (انا خيز الحياة . آباءكم أكلوا المنّ في البرية وماتوا … انا الخبز الحي الذي نزل من السماء . ان أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الابد ، والخبز الذي سأعطيه انا هو جسدي ، لاجل حياة العالم … الحق أقول لكم ، ان لم تأكلوا جسد ابن البشر ، وتشربوا دمه ، فلا حياة لكم في ذواتكم . من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة ، وأنا أقيمه في اليوم الاخير . فأن جسدي مأكل حق ودمي مأكل حق . فمن يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وانا فيه . وكما أن الآب الحي قد أرسلني ، وأنا أحيا بالآب ، فمن يأكلني يحيآ هو أيضآ بي . هذا هو الخبز الذي نزل من السماء . ليس هو كالذي أكله الآباء ماتوا . فالذي يأكل هذا الخبز يحيا الى الابد … ) .

نعم يارب ، انت هو الخبز الحي النازل من السماء ، انت هو الكلمة الظاهر في الجسد ،التي كانت عند الله وهي الله ، فيك كان كل شىء وبغيرك لم يكن شىء مما كوّن

القداس – سر الافخارستيا هو: اشتراك وذبيحة وشكر وكلمة في آن واحد

القداس هو أشتراك مع المسيح في العمل الخلاصي بالذات ، لاننابالمعموذية قد لبسنا المسيح ، فنحن جميعآ واحدآ في المسيح يسوع. ( انظر أف 2 :19 – 22 ، غل 3 : 27 – 28 ) .

والقداس هو ذبيحة سرية غير دموية ، ذبيحة العهد الجدبد الوحيدة المستمرة الى النهاية ، لانه ينبغي لهذا العهد أن يطال جميع البشر ، ولهذه التقدمة لمغفرة الخطايا أن تنعم بها جميع الاجيال ، ولأمكانية الاتصال بالله في المسيح أن تتوفر للجميع . ولمّا كان الله خارج الزمن ، أى لاوقت فيه ، لاقبل ولا بعد ، فأن ذبيحة الاقنوم الثاني المتأنس بيسوع المسيح ، خارجة هي أيضآ عن الزمن ، لذا فبالقداس نشترك بذبيحة المسيح على الصليب وذبيحته المسبقة والسريةة في العشاء الفصحي الاخير ، تلك الذبيحة الواحدة الوحيدة المستمرة الى الابد .

والقداس هو شكر لله على النعم التي يغدقها علينا كل يوم ، لكن نعمة الخلاص بموت المسيح وقيامته ، هي نعمة النعم ، هذه النعمة التي هي الرائعة الالهية . فالحياة الالهية كلها تجمعت في جسد الاقنوم الثاني يسوع المسيح ( والكلمة صار جسدآ . يو 1 : 14 ) فيه يحل ( كل ملء اللاهوت جسديآ . كول 2 : 9 ) . ولمّا كان ( أنّ مامن أحد يأتي الى الآب الاّ به. يو 14 : 6 ) ، أصبح جسده ضروريآ لكلمن أراد أن يتحد بالله وينعم بحياته ( ان لم تأكلوا جسد أبن البشر وتشربوا دمه فلا حياة لكم في ذواتكم . يو 6 : 35 ) . ( انا خبز الحياة . من يقبل اليّ فلن يجوع ابدآ … فتعالوا اليّ . يو 6 : 35 ، متى 11 : 28 ) .

والقداس هو كلمة عندما يجتمع حبيبان مالذي يجمعهما ؟ حبهما المتبادل . عمّا يتحدثان ؟ عن حبهما وشؤونه . فالكلمة تلد الحب ، والكلمة تغذيه ، هكذا هو شأننا مع الله ، فنسمع منه ويسمع منا ، كلام المحبة ، ولمّا كانت المحبة من الايمان والايمان من سماع الكلمة ( البشارة) فان للقراءات في القداس والموعظة أهمية كبرى .

نستطيع أن نشبّه الافخارستيا بالشمس، واسفار الكتاب المقدس من التكوين الى الرؤيا بالكواكب التي تدور حول الشمس، بنظام عجيب ومرتب، فالعهد القديم تكلّم عنه برموز وأشارات، والعهد الجديد يتكلم عنه دائمآ بوضوح تام .

أثناء الحرب العالمية الثانية ، كان الاسرى المعتقلين يعذّبون اذا وجدوهم يتناولون القربان ، فكان نصيبهم التعذيب حتى الموت ، لقد كانوا يخاطرون بحياتهم ، لماذا ؟ الجواب عند رفاقهم البروتستانت الذين كانوا يشاركونهم في المناولة ( كنا نطلب السلام والحياة ، فلم نكن نجدهما الاّ في القربان الاقدس ! ) . ( نشكرك ايها الرب الاله ، بابنك الحبيب يسوع المسيح الذي أرسلته ، في ملء الزمن ، مخلصّآ وفاديآ ورسولآ لمشيئتك : انه كلمتك الذي لاينفصل عنك . به كونت كل شىء . فيه وضعت مسرّتك . هو الذي ارسلته من السماء الى أحشاء البتول ، فتجسد وظهر أبنآ لك ، مولودآ من الروح القدس ومن البتول . لقد أتمّ مشيئتك وأقتنى شعبآ . لمّا بسط يديه فتعذب ليخلص من العذاب من بك يؤمنون ، وفيما كان يسلّم نفسه طوعآ الى العذاب لكي يقضي على الموت ، ويحطم القيود الشيطانية ، ويدوس برجله الجحيم ، وينير الصدّيقين ، ويقطع العهد ، ويعلن قيامته … ) صلاة القديس هيبوليتس الروماني في مستهل القرن الثالث .

لنتأمل في نشيد العذراء مريم ( تعظم نفسي الرب … أنه عضد اسرائيل فتاه ذاكرآ رحمته – على ماوعد آباءنا – لأبراهيم ونسله الى الابد . لو 1 : 46 – 55 ) .

وأخيرآ سر الافخارستيا لايمكن أحتوائه ببعض الاسطر ولا بأى شيء آخر ، لأنه سر الحياة … سر الاسرار .

بقلم : سمير شيخو

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.