أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / تأمل في الأحد الثاني من البشارة

تأمل في الأحد الثاني من البشارة

البشارة، إلقاء خبر سار أو وعد بمستقبل بهيج. إنه أسلوب مألوف في الكتاب المقدس، وهو يجسد كل الكلام وكل الخبرة في كلمة تدل على هذا الفعل: الإنجيل أي البشرى السارة. لو طالعنا الكتاب المقدس فإننا نلاحظ دائما تلك الحركة التي تأخذ مسارها دائمًا من عند الله نحو الإنسان، فالبشرى مثلا ينقلها ملاك الرب، رمز الحضور الإلهي (تك18و21 والقضاة13ولوقا1). أو تنقلها رموز الطبيعة (خروج3و19). إن هذه الحركة التي هي مبادرة الله لأجل الإنسان تلقي بضوئها دائما على بصائرنا كاشفة لنا من هو إلهنا ومن نكون نحن، من هو الله ومن يكون الإنسان. لنأخذ اليوم “ترتيلة السهرة”:

“اللهم يا من بمراحمك انحنيت نحو الترابيين على هيئة محب البشر. يعرف الطلبات قبل طلبها ويتوقع بمعرفته كل الأحداث: يغير الأوقات والأزمنة ولا يحرم الأرضيين من طيبات مواهبه. نظرت ورأيت يا رب الخطاة، أغفلت عن هفواتنا أيها الصالح: لأنك تكون الله وبمراحمك انحنيت نحو الترابيين كمحب البشر المجد لك يا رب الكل”.

تقدم هذه الترتيلة نظرة خاصة عن علاقة إلهنا بنا. بالطبع ليست نظرة كاتبها، ولكن نظرة الكتاب المقدس والإيمان الذي نضج خلال مراحل التاريخ التي دامت ثلاثة آلاف سنة ونيف حتى يومنا. إن إلهنا هو المبادر دائما والمتحرك ولكن باتجاه من؟ باتجاه خليقته… ولكن أي خليقة؟ خليقة دائما ليست كفوءة بأن تكون طرفا يجاري الله، ولكن الله يضعها دائما أمامه كالآخر الذي يحترم حريته. ولكن هذه العلاقة وهذا التنازل وحركة الله نحونا لا تكّف عن الاتجاه نحونا. فنحن نخطأ دائما ومن المنطقي أن ننال العقاب، ولكن الله لا يعيقه خطأ الإنسان، فحنانه سيل جارف ومد عارم فمن يقدر أن يوقفه؟ لا أحد، لماذا؟ لأن الحب له وقعه، فكما أن الإنسان يخطأ بحريته، أي يتنازل عن حريته، في نفس الوقت يتولد الشوق، أي الحرية التي تلقى بحب الله صدا لطالبها. لنطالع سفر العدد، 22: 20-23: 2، بلعام بن بعور يكسر كلام الله والله يتنازل مستخدمًا رمز الملاك وبلعام يزيد من جنوحه، حتى أن أتانه تدرك الوضع وهو لا، ولكنه يبقى حيا لان من لاقاه هو الرحيم الذي يريد أن يعود الإنسان إلى صوابه ولا يسره هلاكه. أشعيا، 43: 14-44: 5، يعلمنا من هو إلهنا ومن نحن، فالله اختارنا، إسرائيل، وهو يشتكي: “هل تعبت مني يا إسرائيل؟ صاحب الفضل هو إلهنا، ومع ذلك لم يلزمنا يوما بان نقدم له شيئا، فهو يبقى أمينا فيحيينا. ألزمناه بخطايانا، ألتزمنا برحمته. “لا تخف يا يعقوب عبدي… أنا نصيرك أنا معك”. اليوم نعيش هذه الأفكار، ليس كذكرى، وإنما كعطية مجانية، من خلال عيش حياة موسومة بجواب وبحركة نحو هذه الحركة الأزلية التي تعرفنا، تعرف أفعالنا وتتوقع مستقبلنا ولكنها لا تكف عن الاتجاه نحونا.

هذا الأحد يبشرنا بذروة حنان إلهنا، يسوع، أي حنان الله الذي سيخلصنا وسيتجسد بشرا مثلنا (لوقا1: 31). فإلهنا يرانا ولكنه هو باق ولن يتغير، بمعنى أنه يظهر حبه لنا. فكلما كثرت خطايانا، هناك تجزل فيض النعم كما يقول مار بولس. طوبى لنا لان لنا اله هو الرب إلهنا-عمانوئيل.

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.