أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / أنا عطشان

أنا عطشان

(يوحنا 19 : 28)

كانت هذه الصرخة الوحيدة التي أطلقها الرب يسوع من على الصليب، معبّرة عن آلامه الجسدية. قالها الرب وسط الآلام الشديدة، ومع هذا كان ضابطاً لنفسه، صامتاً ومواظباً بالصلاة لله، ذلك الذي قَبِلَ أن يأخذ مكاننا فوق الصليب ويصير عطشاناً ليروي عطشنا الأبدي.
ولكن هل يمكن أن يعطش الرب وهو الذي جلس على بئر يعقوب مع السامرية يقول لها: “من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا، فلن يعطش أبداً. فالماء الذي أعطيه يصير فيه نبعاً يفيض بالحياة الأبدية” (يو4 : 14) ..!؟ وهل يعطش الرب وهو الذي وقف مرة في أورشليم، في وسط جمع حاشد، يقول: “إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب” (يو 7 :37) ..!؟
– لماذا قال الرب يسوع “أنا عطشان”:
في بداية الصلب لم يقبل يسوع المسيح أن يشرب عندما قدموا له خلاً ممزوجاً بالمر كنوع من المخدر يخفف عنه الآلام .. ولكنه بعد ذلك وحينما شرب كأس الآلام إلى نهايتها، ولكي يتم الكتاب قال: “أنا عطشان” (يو19: 28)، ولكن لم يعطه أحد رشفة ماء بل أخذ واحد من الجند الواقفين إسفنجة وملأها خلًا وسقاه… وها هي اليوم صدى كلماته تنادينا: “أنا عطشان” .. لأنها بحق صرخة البشرية جمعاء، لتروي غليل بؤسها وبحثها المستمر تحت شمس الملذات والشهوات والكبرياء. فهل تستطيع تلك الأمور أن تروي ظمأ النفس البائسة..!؟
– لأي شئ هو عطشان .. !؟

1- هو عطشان إلى حبك: فقد عطش يسوع المسيح إلى محبة البشر، من أجل محبته لهم.. ومن أجل خيرهم وسعادتهم وخلاصهم.. ولكنهم على الصليب سقوه خلًا يزيد الجوف عطشًا وألتهابًا.. وقَبِلَ هو أن يشرب لكي يتم الكتاب “في عطشي يسقونني خلًا” (مز69: 21).
2- هو عطشان إلى خطيئتك: فقد كان آخر ما قدمته له البشرية هو ذلك الخل – غالباً الممزوج بالمرارة – ليشربه في عطشه، والذي يرمز إلى خطيئة البشر المحزنة إذا قيس بحلاوة خمر محبته، أو بعذوبة مياه نعمته الغزيرة التي تروى النفس العطشانة. فالرب يسوع يطلب منا أن نرمي خطيئتنا عند أقدام الصليب كي يحررنا من هذه الخطيئة. هو بحق قد حررنا ويريد منا أن نتحرر كل يوم من أدران الخطيئة. فهو لم يزل يقول: “أنا عطشان”؛ عطشان إلى المحبة، عطشان إلى الصلاة، عطشان إلى الخدمة، عطشان إلى القداسة. وفي القلب المُحب المُكرس الخدوم الطاهر .. في مثل هذا القلب: يرتوي الرب يسوع: “عطشت فسقيتموني” (متى 25 : 35).

نبيـــل جميـــل سليمـــان
الشيخان – بيبوزي

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.