أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / صلاة يسوع الكهنوتيّة ودورها في روحانيتي الشخصيّة

صلاة يسوع الكهنوتيّة ودورها في روحانيتي الشخصيّة

تأمّل في إنجيل الأحد السادس من زمن القيامة

يسوع وهو سيغادر العالم ,ينظر إلى السماء ,فيحلق عالياً بعيداً عن عالم الإنسان والأرض دون أن ينفصل عنه, ويطيرفي عالم الآب دون أن ينغلق فيه.. تلك هي صلاة يسوع الكهنوتيّة الذبائحيّة, ذات الشراكة الثنائيّة, شراكة عميقة مع الآب , وشراكة خلاصيّة افتدائيّة مع رسالته الأرضيّة وأحبائه التلاميذ , وكلّ من تبعه ويتبعه. ليست صلاة يسوع إلّا شهادة لمحبّة بلغت أوجها عند الفراق والموت , فترتكز في تعبيرها الأخيري على علاقات أو شفاعات ثلاث للذات وللتلاميذ ولكل من يؤمن به عبر الدهور.
إنّ صلاتنا الشخصيّة, تعكس مستوى نضوجنا الإيماني, مستوى شراكتنا مع الله والإنسان , وتعكس مدى ارتباط حضور الله بواقعنا الإنساني.. فهل صلاتنا ترتبط بواقعنا الإنساني بأبعاده المختلفة , فنقدم من خلالها ذواتنا ذبيحة مرضية لله؟ إننا كثيراً ما نعيش انفصالاً مابين صلاتنا وواقعنا اليومي , فلا تغدو صلواتنا أكثر من مشاعر وتعابير نفسيّة اجتماعيّة, تطلب الراحة والسلام, أو لاتتعدى تمتمات شفويّة للتضرعات وللطلبات وللشفاعات.
تكشف صلاة يسوع الوداعيّة عن عمق وحدته وشراكته مع الآب , وعظم محبته لأحبائه التلاميذ ولكل من يؤمن به.لكي نصلي بعمق ونحن نعيش رسالتنا المسيحيّة, لابد أن نسعى-مقتدين بيسوع- إلى حضورٍ شخصي وموت عن الذات ,وتقدمة حياتنا لله , فتصبح حينها صلاتنا انفتاحاً للقلب , ودخولاً في شراكة عميقة حميمة مع الآب, ومحبّة قصوى للإنسان.
يسوع ومن خلال صلاته, يريد أن نتبع خطاه , فيريد لصلاتنا أن تكون إظهاراً لمجد الله بقبولنا لمشيئته والعمل بها , وتجسيد محبته في واقعنا وعلاقاتنا , ونبلغ فمة التمجيد لله بتخلينا عن ذواتنا كليّاً , فنقبل بساعتنا كيسوع:”يا أبت قد أتت الساعة , مجد ابنك, ليمجدك ابنك”. وهنا نسأل أنفسا : إلى أي حد أنا مستعد لقبولي التخلي عن ذاتي ,عن كرامتي وكبريائي من أجل مجد الله؟ وصلاتنا با متلائها من نعمة الله , ليست إلاّ حضوراً لحياة أبديّة لله , لاتأتي إلّا من معرفة شخصيّة ليسوع ولأبيه. عالمنا اليوم يعرف الكثير من الأشياء والمعلومات , ولكنه لايعرف الله إلّا قليلاً قليلاً, فهل أسعى كيسوع لجذب الآخرين للقاءٍ شخصي عميق بالله؟ورسالتنا اليوميّة, لابد لها أن تُظهر اسم الله , أي تُظهر هويته وحضوره , فتكشف عن سره ولاسيما تدبيره الخلاصي. إذا كانت صلاتنا انعكاساً لشراكة عميقة مع الآب , فلابد لها أن تكون انفتاحاً على الإنسان وتبنيّاً لقضاياه ولاسيما لخلاصه, الذي يرتبط بالكنيسة ورسالتها.فيسوع يصلي لأجل تلاميذه لكي يكونوا محفوظين من الشرّ وهم في قلب العالم, فلايهربوا منه ولايخضعوا له ولايدخلوا في لعبته المدمرة:” لا أسألك أن تخرجهم من العالم , بل أن تحفظهم من الشرير”.. كثيراً مايتعرض المرسلون إلى شرور وفتن ومؤمرات تحاك ضدهم لتشويه سمعتهم وتحويل مسار رسالتهم , فما أجمل موقفنا عندما لايخضع لصوت العالم وشرّه , بل نتضامن مع أخوتنا وأخواتنا ونصلي لأجلهم. وتبلغ الصلاة توجّهاً جديداً, فيصلي يسوع ليكون تلاميذه مكرسين بالحق , أي يملك الله عليهم , فيصبحون مسكنه , وبالتالي يكونون أدوات محوّلة للناس من الخطيئة إلى القداسة.. هذه هي دعوتنا الأساسيّة, أن نتقدس ونقدّس العالم.وتكتمل الصلاة فتبلغ قمتها في طلب الوحدة للتلاميذ, فيعرف العالم ابن الله المرسل ومحبته للعالم.. هذه الوحدة لاتأتي إلا من الوحدة مع الله , ومثالها الاوضح والأبلغ هو الوحدة الكيانيّة بين الآب والابن.بعد كل هذا لنسأل أنفسنا: إلى أي حد تعبّر صلواتي عن شركة عميقة مع الآب والإنسان الآخر؟

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

تعليق واحد

  1. بيتر زيا حنا

    الله محيك يا ابونا فريد بطرس على هاذا التأمل من زمن الصوم لاحد السادس الله ينورك ويزيدك من حكمة في نشر الايمان بين بني البشر امين الرب يحرسك من كل شر ويجعل طرقك مستقيمة في نشر رسالة الايمان ….امين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.