أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / الشمّاسيَّة الإنجيليَّة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقية – الجزء الاول

الشمّاسيَّة الإنجيليَّة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقية – الجزء الاول

الاب سالم ساكا

الدرجات الكهنوتيَّة:
كُلُّنا يعلم بأنَّ الدرجات الكهنوتية تتميَّز إلى ثلاث وهي: الدرجة الأسقفيَّة، الدرجة الكهنوتيَّة ودرجة الشمّاسيَّة الانجيليَّة. وإلى هؤلاء سلَّم الربُّ يسوع إدارة الكنيسة بعد الرسل (المج فا/2، "نور الأمم"، العدد/28). إنَّ تقليد الكنائس الشرقية حافظ على هذه الدرجات الثلاث الكبرى وأعلن أنَّ الوظيفة الحبرية تعود إلى الأسقف، والكهنوتيَّة إلى الكاهن والخدمة إلى الشمّاس الإنجيلي (القانون/325). أمّا الثوابت والحقائق بالنسبة إلى سرِّ الكهنوت من الناحية القانونية فهي أساس الإيمان وعمل الروح القدس وإختيار السلطة الكنسيَّة والاشتراك في رسالة المسيح الراعي وسلطانه: "الإكليريكيون، ويُطلق عليهـم أيضًا اسم خدّام الأقداس، هم مؤمنون تختارهم السلطة الكنسية المختصّة، وبموهبة الروح القدس التي ينالونها في الرسامة المقدّسة، يُنتدبون لكي يكونوا بمشاركتهم في رسالةِ المسيح الراعي وسلطانه، خدّام الكنيسة" (القانون/323). وهذا ما سبق وأكَّد عليه أيضاً المجمع الفاتيكاني الثاني عندما جاء فيه: "المؤمنون الذين وُسموا بالكهنوت المقدَّس إنَّما أُقيموا باسم المسيح ليرعوا الكنيسة بكلمة الله ونعمته" (المج فا/2، "نور الأمم"، العدد/11). بذلك نقول أنَّ الكهنة هم أولاً مؤمنون مسيحيون مشتركون على نحوٍ ما في وظيفة المسيح الكهنوتية والنبوية والملكية (القانون/7 –البند1)، غير أنَّ الرسامة المقدَّسة تُميِّزهم، بوضعٍ إلهيّ، عن سائر المؤمنين وذلك بفعل نعمة الروح القدس التي ينالونها بوضع اليد والصلوات الخاصّة (المج فا/2، "نور الأمم"، العدد/21). وهذا ما أقرّته تماماً مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (CCEO/1991) التي جاء فيها: "بسرِّ الرسامة التي تتمّ على يدِ الأسقف، يُقام بقوة الروح القدس الفعّالة خدّاماً للأقداس، أولئك الذين ينعم عليهم بالمهمّة والسلطان اللّذين ائتمن المسيح الربّ رسله عليهما، ويتمتّعون بهما على درجات متفاوتة، لإعلان الإنجيل ورعاية شعب الله وتقديسه" (القانون/743).

 

خادم سرِّ الدرجة:
عادةٌ قديمة في الكنيسة تُعبِّر عن العلاقة الوثيقة واللّحمة الشديدة بين الكاهن والشمّاس الإنجيلي من جهةٍ وأسقف الإيبارشيَّة التي ينتميان إليها من جهةٍ أخرى. إذ يشترك كلٌّ منهما في وظيفته الراعوية لتعليم شعب الله وتقديسه وتدبيره. وعلى ذلك أكَّد المجمع الفاتيكاني الثاني بقوله: "يشترك الكهنة جميعهم مع الأساقفة بكهنوتِ المسيح الواحد ورسالتِه. ووحدة التكريس هذه والرسالة تقتضي شركتهم المتزايدة بالدرجة الأسقفية" (المج فا/2، "قرار في خدمة الكهنة"، العدد/7). وإنَّ الكهنة بصفتهم مساعدين فطنين للسلك الأسقفي، إذ هم منه العون والعضد، وبصفتهم مدعوّين لخدمة شعب الله ليؤلِّفون مع أسقفهم حلقة كهنوتية واحدة لها مهامّ مختلفة. وفي جماعات المؤمنين المحلية كلّها يُمثِّل الكهنة نوعاً ما أسقفهم الذي تربطه بهم رباطات ثقة ورحابة، آخذين على عاتقهم مهمّاته واهتماماته، ممارسين ذلك في عنايتهم اليومية بالمؤمنين، مدبِّرين ومقدِّسين تحت سلطة الأسقف الجزء الذي أوكل إليهم من قطيع الربِّ" (المج فا/2، "نور الأمم"، العدد/28). من هنا فإنَّ الأسقف ذو الصلاحيَّة هو أسقف المكان الذي يمنح الكاهن أو الشمّاس الإنجيلي الدرجة المقدَّسة. غير أنَّ الأسقف الإيبارشي يمكنه أنْ يفوِّضَ أسقفاً آخراً ليقومَ بالرسامة بعد أنْ يكونَ قد زوَّده بكتاب ترخيص (Legitimis litteris dimissoriis). إنَّ "كتاب ترخيص" هو عبارة عن فعلٍ قانوني يمنحه الأسقف ذو الصلاحيَّة إلى أسقف آخر ليمنح سرَّ الدرجة الكهنوتية أو الشمّاسية لأحدِ الاكليركيين الذين إتَّخذوا مكان خدمتهم في الإيبارشية التي يرئسها "المرشَّح إلى الدرجة الشمّاسية الإنجيلية أو الكهنوتية، يجب أنْ يرسمه أسقفه الإيبارشي، أو أسقف آخر بكتابِ ترخيصٍ مشروع للرسامة" (القانون/747). أمّا إذا لم يتزوَّد الأسقف الذي يرسم بهذا الكتاب، فتكون الرسامة صحيحة لكنّها غير جائزة، وبالتالي فهي باطلة، بمعنى لا تُخوِّل الشخص المرتَسَم الدخول في الشركة مع أسقفه الإيبارشي وتُعرِّض الأسقف الذي رسم إلى عقوبة مناسبة: "الأسقف الذي يمنح أحداً الرسامة في درجة شمّاس إنجيلي أو كاهن، ضدّ أحكام القوانين، يُعاقب بعقوبة مناسبة" (القانون/1459 –البند2).


السنّ المقرَّرة للرسامة الإنجيليَّة:
حدَّدت مجموعة الحقّ القانوني الخاصّ بالكنيسة اللاتينية (CIC/1983) السنوات المطلوبة لقبول الدرجة الكهنوتية بــ (25 سنة كاملة) وبـــ (35 سنة كاملة) لقبول درجة الشمّاسية الانجيلية الدائمة للذين سبق وتزوَّجوا. بينما حدَّدت مجموعة قوانين الكنائس الشرقية بـ (24 سنة كاملة) لقبول الدرجة الكهنوتية وبـــ (23 سنة كاملة) لقبول الدرجة الشمّاسية الانجيليَّة، دون أن تُحدِّد المجموعة سنّاً للشمامسة الإنجيليين الدائميين. إلاّ أنَّ القانون نفسه يجيز للشرع الخاصّ بكلِّ كنيسة ذاتية الحقّ أن يزيد السنَّ المطلوبة، لا أنْ يُقلِّصها أو يخفضها "السنّ المقرّرة لدرجة الشمّاس الإنجيلي هي تمام الثالثة والعشرين، وبالنسبة إلى الكهنوت تماماً الرابعة والعشرين، مع سريان الشرع الخاصّ بالكنيسة المتمتّعة بحكم ذاتي إذا تطلَّب سناً أكبر" (القانون/759 –البند1). من جانبٍ آخر، يعطي القانون مجالاً للتفسيح، لأقلِّ من سنة يمكن أن يمنحه الأسقف الإيبارشي، أمّا التفسيح لما زاد عن السنة، أي تقليص السنِّ المطلوب شرعاً لأحدِ المرشَّحين لأكثر من سنة، فهو أمرٌ ممكن أيضاً، في وضع خاصّ، ولكنّه محفوظ للبطريرك بالنسبة لأحدِ أبناء كنيسته البطريركية على شرط أن تكون إقامته داخل حدود المنطقة الجغرافية للكنيسة البطريركي التي ينتمي إليها وإلاّ فالأمر محفوظ للكرسي الرسولي (القانون/759 –البند2)؛ "التفسيح لأكثر من سنة بالنسبة إلى السنِّ المقرَّرة في الشرع العامّ، محفوظ للبطريرك، إذا تعلَّق الأمر بمرشَّحٍ له موطن أو شبه موطن داخل حدود منطقة الكنيسة البطريركية، وإلاّ فللكرسي الرسولي" (-البند2).

 

التنشئة المطلوبة للشمامسة الانجيليين الدائميين:
يتَّبع الشمامسة الإنجيليون الدائميون، أعني غير المعدّين للكهنوت منهاجاً خاصّاً بهم في دروس الفلسفة واللاهوت، على أن يمتدَّ منهاج الدروس هذا إلى ثلاثِ سنوات على الأقلِّ. من جهةٍ أخرى، إنَّ تنشئة هؤلاء الشمامسة الإنجيليين الدائميين ينبغي أن تراعي تقاليد كنائسهم الخاصّة فيما يتعلَّق بخدمة الليترجيا والكلمة وأعمال المحبة "التـنـشـئـة الخـاصّـة بالشمامسة الإنجيليين غير المهيّئين للكهنوت، ينبغي توافقها بناءً على القواعد المقرّرة، بحيث يمتدّ البرنامج الدراسي إلى ثلاث سنوات لا أقلّ، مع مراعاة تقاليد كنيستهم المتمتّعة بحكم ذاتي في ما يخصّ خدمة الشمّاس في الطقوس و[إعلان] الكلمة والأعمال الخيريّة" (القانون/354). هنا تجدر الإشارة إلى ما يفرضه المشرِّع قائلاً: "إذا كان الأمر متعلِّقاً بمرشَّحٍ غير مُعدّ لأنْ يصبح كاهناً، تجوز رسامته شمّاساً إنجيلياً، ولكن فقط بعد إتمامه الناجح للسنة الثالثة من الدروس المذكورة أعلاه، وإن حدث أن قُبِلَ بعد ذلك للكهنوت وجب عليه أنْ يبادرَ أولاً إلى إتمام الدروس اللاهوتية بطريقة ملائمة" (القانون/760 –البند2). أمّا التنشئة الكهنوتية للشمامسة الإنجيليين المعدّين للكهنوت وإستناداً إلى ما ورد في نصِّ القانون/348 –البند1، يجب أنْ تشملَ دروسهم في الإكليريكية الكبرى، الدراسات الفلسفية واللاهوتية التي يمكن إتمامها إمّا على فترات وإمّا بشكلٍ متواصل، على أنْ تشملَ هذه الدروس ستّ سنوات كاملة لا أقلّ، بحيث تعادل المدّة المخصَّصة للدراسات الفلسفية سنتين كاملتين والمدّة المخصَّصة للدراسات اللاهوتية أربع سنوات كاملة. بموجب هذا القانون أيضاً، لا يجوز رسامة الشمامسة الإنجيليين المعدّين إلى قبول الدرجة الكهنوتية إلاّ بعد إتمامهم السنة الرابعة من السنوات الستة المقرَّرة. أي بعد إنهاء السنة الثانية من الدروس اللاهوتية بنجاح، ما لم يقرِّر سينودس أساقفة الكنيسة البطريركية غير ذلك (القانون/760 –البند1).

 

الإرادة الحرّة لقبول الرسامة المقدَّسة:
بما أنَّ إكراه مؤمن ما على قبول الرسامة المقدَّسة عملٌ غير جائز ومعرَّض للإبطال، كان لابدّ من الاحتياط لاستدراك الإثبات اللازم في حال الطعن بصحّة الرسامة بسببِ إنعدام الحرية اللازمة. من هنا تفرض مجموعة قوانين الكنائس الشرقية أنْ يُسلِّمَ المرشَّح إلى قبول الدرجة الشمّاسية أو الكهنوتية تصريحاً أو إقراراً موقعاً بخطّ يدِه إلى رئيسه الكنسي، فيه يؤكِّد على إرادته الحرّة وقبوله الإلتزام بواجباتِ الرسامة "لرسامة المرشّح في درجة الشمّاس الإنجيلي أو الكهنوت على وجهٍ جائز، عليه أن يُقدِّم لأسقفه الإيبارشي أو لرئيسه الكبير إقراراً موقّعاً بخطِّ يده، يشهد فيه أنّه يقبل من تلقاء نفسه وباختياره الدرجة المقدّسة والواجبات المتعلّقة بها، ويقف نفسه على الدوام لخدمة الكنيسة، طالباً في نفس الوقت الموافقة على قبوله في الدرجة المقدّسة" (القانون/761).
من جهةٍ أخرى، لا يجب أنْ نعتبرَ هذا الإقرار وكأنَّه مجرَّد إجراء شكلي، بل أنَّه فعلٌ علني واحتفالي، يلتزم من خلاله المرشَّح بمسؤوليته الشخصيَّة أمام الكنيسة. أمّا فيما يتعلَّق بمضمون الإقرار هذا، فيمكن أن يشمل جملاً وصيغاً متعدِّدة، ولكن الأهمّ فيه هو عدم إغفال طلبه من قبل الأسقف عند منحه الرسامة المقدَّسة لمن أرادها. علاوة على ما سبق أعلاه، وبموجب نصِّ القانون/769 –البند1، الرقم/2: من ضمن الأمور التي يجب أن تسبق الرسامة المقدَّسة أيضاً، إذا كان المرشَّح مرتبطاً بزواج، عليه أنْ يرفق مع طلبه الحرّ للرسامة أيضاً شهادة زواج، وموافقة زوجته الخطّية، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أنَّ القوانين القديمة ولا سيما القانون/18 من قوانين الرسل والقانون/3 من مجمع تروللو كانت تشترط أنْ تكونَ الزوجة أيضاً بلا عيب "مَنْ تزوَّج أرملة أو مطلَّقة أو زانية أو جارية أو ممثِّلة، لا يجوز أنْ يصيرَ أسقفاً أو قسيساً أو شمّاساً أو في درجة كهنوتية" (القانون/18 من قوانين الرسل)؛ "كلّ مَنْ إرتبط بزوجتين بعد عماده أو كان عنده خليلة، لا يجوز أنْ يصيرَ أسقفاً أو كاهناً أو شمّاساً أو في أيّ درجة من السلك الكهنوتي، وهكذا كلّ مَنْ تزوّج أرملة أو مطلّقة أو زانية أو خادمة أو ممثِّلة لا يمكن أنْ يصيرَ أسقفاً أو كاهناً أو شمّاساً أو في أيّ درجة من الكهنوت" (القانون/3 من مجمع ترللو).

 

تسجيل خبر الرسامة:
    يُعتبر تسجيل خبر الرسامة فعلاً قانونياً. ويتمّ بأنْ يقوم الرئيس الكنسي الخاصّ بالمرشَّح، أي الأسقف الإيبارشي أو الرئيس الأعلى إذا كان المرشَّح ينتمي إلى إحدى المؤسَّسات الرهبانية، بارسال خبر الرسامة الشمّاسية إلى كاهن رعيَّة المرشَّح ليضيفه إلى ما دُوِّن من معلومات سابقة في سجل عماده، وهذا ما يُـنبِّه كاهن الرعيَّة إلى حالته كمكرَّس، وبالتالي يتأسَّس وينشأ مانع للزواج في حال محاولته القيام بذلك لاحقاً (القانون/296 –البند2). ينحصر هذا التبليغ بدرجة الشمّاسية "على الأسقف الإيبارشي أو الرئيس الكبير أن يبلّغ الراعي المسجَّلة لديه معمودية المرسوم، عن الرسامة المقدَّسة لكلِّ من الشمامسة الإنجيليين" (القانون/775).

 

يتبع…

 

عن Yousif

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.