أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / الصـــــــــلاة جهاد روحـــــــــي

الصـــــــــلاة جهاد روحـــــــــي

الصـــــــــلاة جهاد روحـــــــــي

+ رمزي كرمو

اسطنبول 26/04/2020

 

الذي يجاهد يصلي، والذي لا يجاهد لا يصلي. ان الصلاة المسيحية قبل ان تكون استجابة لقانون يفرضها علينا من الخارج، هي اصغاء الى نداء يأتينا من الداخل، ومصدر هذا النداء هو الروح القدس الساكن في قلبنا والذي يدعونا الى ان نعيش ونمارس الصلاة كجهاداً روحيا، اساسه الثقة الكاملة بمحبة الله لنا والتي تجلت وتجسدت في شخص يسوع المسيح الذي بموته وقيامته وهب لنا الرجاء بالقيامة والحياة الابدية. لنسمع ونتأمل بكلام يسوع:”الحق الحق اقول لكم، تأتي ساعة وقد حضرت الان، فيها يسمع الاموات صوت الله والذين يسمعونه يحيون”(يوحنا5/25)، “مشيئة الاب هي ان كل من رائ الابن واَمن به كانت له الحياة الابدية، وانا اقيمه في اليوم الاخير”(يوحنا 6/40).

الصلاة التي هي جهاد روحي، انها تعبير واضح وشفاف على ايمان حي وناضج ويتحول الى شهادة حياة، اي انها تجعل من المؤمن شاهداً  ليسوع المسيح في حياته ومماته. لنسمع ونتأمل فيما يقول بولص الرسول الى تلميذه طيمثاوس:”وجاهد في الايمان جهاداً حسناً وفز بالحياة الابدية التي دعيت اليها وشهدت لها شهادة حسنة بحضور من شهود كثيرين”(1طيمثاوس 6/12).

في رسالته الثانية الى طيمثاوس، هذا مايقوله بولص الرسول عن نفسه:”ها انذا اقدم قرباناً للرب، فقد اقترب وقت رحيل، جاهدت جهاداً حسناً واتممت شوطي وحافظت على الايمان وقد اعد لي اكليل البر الذي يجازيني به الرب الديان العادل في ذلك اليوم، لا وحدي بل جميع الذين اشتاقوا ظهوره”(4/6).

ان الجهاد الذي يتكلم عنه بولص الرسول الذي ختمه بشهادة الدم هو قبل كل شي جهاد الصلاة، حينما نقرأ رسائله قراءة تأملية نكتشف ان الصلاة كانت تحتل مكانة الصدارة في حياته الرسولية، من الصلاة كان يستمد قوته الروحية واندفاعه الرسولي وثباته في الايمان حتى الاستشهاد. انه كان يدعو المؤمنين الى الجهاد الروحي بهذه الكلمات، لنسمع ونتأمل:”اقيموا كل وقت الصلاة والدعاء في الروح، ولذلك تنبهوا واحيوا الليل مواظبين على الدعاء، لجميع القديسين ولي ايضاً ليوهب لي ان اتكلم وابلغ بجراة سر البشارة، وفي سبيلها انا سفير مقيد بالسلاسل، عسى ان اجرؤ على التبشير كما يجب ان اتكلم”(افسس 6/18-20).

ان ما يضعف صلاتنا هو فقدانها لبعدها الجهادي والاكتفاء بصلاة روتينية تعودنا عليها، تخرج من الشفاه من دون ان يكون لها اي تأثير على حياتنا اليومية، هكذا صلاة تشبه بذرة لا تسقى بالماء ولهذا لا تنمو ولا تعطي ثمراً، وقت ضائع لا فائدة منها.

ان االجهاد الروحي الذي هو ثمرة الصلاة النابعة من القلب يبدأ من داخلنا حيث يقبع اعداؤنا الحقيقيون الذين يشكلون خطراً كبيراً على حياتنا المسيحية.  يقول يسوع:”ان البيت الذي يكون منقسماً على ذاته من الداخل يسهل للسارق ان يدخله ويسرق مافيه”(راجع متى 12/25 و 29).

اما اعداؤنا في الداخل فهم ثلاثة، اولئك الذين حاربهم يسوع في البرية بواسطة الصوم والصلاة وانتصر عليهم:-

  1. الاستعباد لشهوات الجسد ولذات العالم الزائلة.
  2. التعلق المفرط بالمال والثروات الدنيوية الخداعة.
  3. البحث عن الجاه والعظمة والسلطة الباطلة. (راجع متى 4/ 1-11)

ان الشهداء والقديسين الذين تزهر وتفتخر بهم كنيستنا المشرقية والذين جاهدوا جهاداً حسناً في سبيل نشر نور الانجيل بين الامم، استمدوا قوتهم الروحية وغيرتهم الرسولية وحبهم للشهادة حتى النهاية من الصلاة التي كانوا يعتبرونها عملهم الاول والاساسي.

اليوم، نحن ابناءهم بالايمان لا يكفي ان نفتخر ونعتز بهم ونتذكر ماضيهم فقط، بل ان نتعلم منهم كي نجعل من الصلاة اليومية جهاداً روحيا نجسد بواسطته تعاليم الانجيل المقدس في حياتنا لنكون شهوداً يثق بهم الناس ويكتشفون فرح الايمان بيسوع المسيح الحي.

كل يوم نختم الصلاة الصباحية والمسائية بترتيلة الشهداء التي تذكرنا حياة هولاء الابطال في الايمان والرجاء والمحبة، نلمس من خلال هذه التراتيل الحب العارم الذي كان يملأ قلبهم ليسوع المسيح معلمهم وجهادهم الروحي الذي جعلهم ان يصمدوا امام انواع العذابات والالام حتى الموت لكي ينالوا بذلك اكليل الشهادة والحياة الابدية السعيدة في ملكوت السماوات.

لا ننسى بأن نعمة القداسة والشهادة اعطيت لنا نحن ايضاً منذ ان نلنا سر العماذ المقدس حينما ملانا الروح القدس من مواهبه وعطاياه لكيما نكافح ونجاهد خلال حياتنا الزمنية للبلوغ الى قمة الحياة المسيحية والتي هي الاتحاد الكامل بربنا والهنا يسوع المسيح له المجد والاكرام والسجود.

لنصل الى الروح لكيما يقدسنا يوماً بعد يوم وخاصة لكي لا نحزنه (افسس4/30) بل نتعاون معه ونستثمر مواهبه استثماراً جيداً لنتقدس ونقدس الذين ارسلنا الرب اليهم. لنسمع ونتأمل فيما يقوله لنا بولص الرسول بهذا الخصوص:”فلستم بعد اليوم غرباء، او نزلاء، بل انتم من ابناء وطن القديسين ومن اهل بيت الله، بُنيتم على اساس الرسل والانبياء وحجر الزاوية هو المسيح يسوع نفسه، فيه يحكم البناء كله ويرتفع ليكون هيكلاً مقدساً في الرب وانتم ايضاً تبنون معاً لتصيروا مسكناً لله في الروح”(افسس2/ 19-22).

نعم، ان الصلاة بمفهومها الجهادي هي الوسيلة الفعالة لكي نجعل من كل واحد منا قديساً واذا اقتضى الامر شهيداً.

ارجو من الذيم يقراون هذه الاسطر ان يصلوا من اجلي لكي اعيش ما تبقى لي من الحياة الزمنية بالايمان والرجاء والمحبة واعطاء الشهادة حتى النهاية.

مع الشكر ولنبق متحدين بالصلاة رباط المحبة الذي لا ينقطع

عن Maher

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.