أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار البطريركية / قراءات الكتاب المقدس في الليتورجيا ينبغي أن تكون انتقائية وليس متتالية

قراءات الكتاب المقدس في الليتورجيا ينبغي أن تكون انتقائية وليس متتالية

قراءات الكتاب المقدس في الليتورجيا ينبغي أن تكون انتقائية وليس متتالية

الكاردينال لويس روفائيل ساكو

نستعمل في احتفالاتنا الليتورجية (الطقسية) قراءات من الكتاب المقدس بعهديه، وهي أساسيّة في الاحتفال. يوجد بين هذه النصوص ما هو طويل، وما هو رمزي يصعب على المشاركين في هذه الاحتفالات فهمه ، لا سيما الذين لم يدرسوا اللاهوت ولا الكتاب المقدس، لذلك على الكنيسة مساعدتهم في فهمها لتغذية إيمانهم في مسيرتهم نحو الله.

يحضر الليتورجيا عدد كبير من الناس، خصوصاً قداس الآحاد والأعياد، منهم أساتذة جامعات وطلاب مدارس، وأطفال ومؤمنون عاديون. كرعاة، علينا ان نقدم لهم نصوصاً قصيرة مختارة بدقة، يسهل إكتشاف معناها الحقيقي، لان هذه المعرفة تسهّل عليهم فهمها والاستفادة منها في الحياة اليومية، تماماً كما فعلت الكنيسة اللاتينية.

توجد في الليتورجيا الكلدانية، أربع قراءات، واحدة من التوراة (الكثير منها اُختير من سِفر تثنية الاشتراع، أي نصوص تشريعية يهودية)، والثانية من الأنبياء أو من سِفر الأعمال في زمن القيامة، والثالثة من رسائل بولس الرسول، والرابعة من الأناجيل. قلما توجد قراءات من إنجيل مرقس بالرغم من أنه بحسب علماء الكتاب المقدس، هو أول انجيل كتب، وهو الأقرب تاريخياً الى حياة يسوع.

 في سينودس سنة 2016 قررنا اعتماد ثلاث قراءات عوض الأربع. هذه القراءات ينبغي اختيارها بدقة، ويجب ان تكون قصيرة ووافية المعنى، وان يكون رابط بينها. في كثير من الأحيان النصوص طويلة، اذكر على سبيل المثال، الأحد الثاني من الصيف (نص الإنجيل صفحتان ونصف من A4).

حتى نضع المؤمن المعاصر في اتجاه سليم من النص ويتمكن من استقبال البلاغ ، يجب تقديم النص بشرح مقتضب، خصوصا ان كُتّابه الملهَمين، عاشوا في أزمنة وأماكن وثقافة مختلفة عن التي نعيشها اليوم.

 ينبغي ان ندرك ان كلام الله كما تقول الرسالة الثانية إلى كورنثوس” كنزٌ نحملُهُ في آنية من خزف”، أي بلاعٌ الهي يحدثنا بكلماتنا البشرية ولغتنا. يقول أفرام: ” ألبَسَ نفسَه بلغتنا.. وبعدئذ تكلم مع حالتنا الطفولية كأبٍ مع أولاده. انها مجازٌ وليست بالمعنى الحرفي” (الايمان 54/8).

في الكتاب المقدس معنيان: المعنى التاريخي وهو متعلق بالنص حرفياً، والمعنى الرمزي وهو متعلق ببلاغ الله في تدبيره الخلاصي. وهو ما يتوق المؤمن الى معرفته. يقول مار افرام: لو كان للكلام المقدس معنى واحد فقط، لكان قد اكتشفه أول مفسِّر، وما كان المفسِّرون الآخرون تكبَّدوا مشقة البحث، وشعروا بلذة اكتشافه (شرح الدياطسرون 6/22).

العقلية الشرقية رمزية

انه لمن الضروري فهم الكلام الرمزي، وخصوصاً ان في تركيبتنا الشرقية يوجد شيء من السريّة والرمزيّة، فالحقيقة لا نقولها بالكامل. الرمز إشارة يحتاج الى الشرح. ويعد آباء الكنيسة هذه الرموزعميقة المعاني، ويحذرون من قراءة حرفية أصولية. يقول مار أفرام ” هناك من يكتفي بتناول أهداب الحقيقة.. اما انت فلا تتوقف أمام انبهار الكلمات الظاهر التي بسبب قشرتها الخارجية تحجب المعنى الحقيقي للنص” (شرح الدياطسرون 22/3).

الحاجة الى تأويل منهجي وحقيقي

هناك مشكلة بنيوية في تأويل النصوص التي تتطلب تفسيراً منهجيأ  وعلمياًّ لاكتشاف بلاغات النص المقدس حتى يميز المؤمنون ما كان ظرفيّاً وعلاجاً لحالاتٍ معينة إنتفت الحاجة اليها، وما هو جوهري ثابت كعقيدة إيمانية وأخلاقية. الانسان المعاصر بحاجة الى الادراك والوعي حتى تكون لممارسته الدينية قيمة، وليس عن جهلٍ أو تقليدٍ آليٍّ موروث.

هذه النصوص المقدسة لا ينبغي ان تُفهَم على حرفيّتها كأحداثٍ على نحو ما نفهم “الحدث” اليوم، بل انها تحمل “معنىً مقدساً”، أي بلاغاً موجَّهاً الى الناس في كل زمان ومكان. لذا نحن بحاجة الى التفسير العقلاني المنهجي العلمي لإكتشاف بلاغات النص المقدس حتى نفهمها ونعيشها.

أذكر مثلاً قتل أبكار المصريين (الخروج فصل 11) ومقتل أطفال بيت لحم (متى 2/ 16-18). هذه نصوص رمزية جاءت في أجناس أدبية literary genres  وليست سرداً تاريخياً للأحداث، فالله لا يقتل الناس كما يفعل البشر أحياناً بإسم الدين. التاريخ في النصوص المقدسة، تاريخ مقدَّس “معنىً مقدس” وليس تقريراً صحفياً مسجلاً أو مصوراً كما يفعل الإعلاميون اليوم. هكذا مع سفر يونان الذي كُتبَ  بين القرن الخامس والرابع قبل الميلاد   وكانت نينوى قد هدِّمت سنة 612 قبل الميلاد، بينما النبي يونان عاش في القرن الثامن قبل الميلاد. قصة مصورة جميلة تحثّ يونان ونينوى على التوبة: يونان عن تشدده الديني والقومي، ونينوى عن العنف – الحروب.

المؤلفون الملهمون آمنوا ان ما يكتبونه يعكس حضوراً الهياً ومعنىً مقدساً أعمق من المفهوم التاريخي، وأبعد من الكلام البشري. كلُّ شيءٍ يسير ضمن هذه الديناميكية التي تخترق النص لتجتاز الى حياة المؤمنين وحياة الكنيسة، وتنير مستقبلهم وتوطّد رجاءهم (رومية 15/ 4). هذا الإختراق – العبور يحوِّل الأشياء كلّها الى فضاء سرِّ فصح المسيح الشامل، ويشرُكنا فيه كحقيقة راهنة وقادرة على دعم جهودنا من أجل حياة أفضل. 

الجانب الراعوي

المحتفل شخص محوري عليه مساعدة الناس على فهم النصوص والرموز والاجابة على أسئلتهم: اذكر على سبيل المثال بعض الاسئلة:

روَت لي سيدة ان حفيدها رافقها الى القداس يوم الأحد وكانت القراءة الاولى عن قتل ابكار المصريين (سفر الخروج فصل 11)، بعد انتهاء القداس قال لها حفيدها: اني لن أجيء بعد الى الكنيسة لان الله قتل اشخاصاً أبرياء مثل ما فعل داعش؟

شاب حضر قداس الباعوثا وسمع قراءة سفر يونان. سألني كيف ابتلع الحوت يونان وبقي في بطنه ثلاثة ايام، وكيف القاه في اليابسة ولا يوجد بحر بين نينوى والارض المقدسة.

وآخر عن سفر النبي اشعيا فصل 6 عن السرافيم والكاروبيم. والسلسة طويلة!

هذا ما أشرت اليه في الاسبوع الماضي في كلامي عن التجديد، وراح الناس المتعصبون من دون الحس السليم ينتقدونني ويشتمونني!! من المؤسف ان مجتمعنا يعتبر الحقيقة ما يحرك مشاعره العاطفية وليس المنطق وتوخّي الموضوعية.

كلي رجاء أن تكون النصوص المقدسة، مصدر بركة ومحبة وسلام، وليس مصدراً للاصولية وبث الكراهية.

نموذج للقراءات

مقتبس من الكتاب الذي اعدَدتُه وطُبع سنة 2013 ويحتاج الى المراجعة.

موسم البشارة

الاحد الثالث  

الفكرة الطقسية

تدعونا صلوات هذا الاحد الثالث من موسم البشارة الى التأمل في شخصية يوحنا المعمذان ورسالته. يوحنا يرمز الى كل مؤمن يقوم بتهيئة طريق الرب من خلال اشاعة حنان الله وغفرانه وفدائه.

تقديم القراءات     

 نستمع الى كلمة الله تُعلَن لنا من خلال ثلاث قراءات:

الأولى من سفر التكوين (1/ 18-15) تنقل البشارة الى ابراهيم بمولد اسحاق.

والثانية من الرسالة الى اهل أفسس (3/ 1-9) تروي كيف حمل بولس الرسول إنجيل المسيح الى الوثنيين.

والثالثة من انجيل لوقا (1/ 57 – 66) تُخبر عن ميلاد يوحنا وما يحمله هذا الميلاد من معانٍ جليلة.

 

إجلسوا وأنصتوا الى قراءةٍ من سِفرالتكوين: بارخمار

وتَراءى الرّبُّ لإبراهيمَ عِندَ بَلُّوطِ مَمْرا، وهوَ جالسٌ بِبابِ الخيمَةِ في حَرِّ النَّهارِ. فرفَعَ عينيهِ ونظَرَ فرأى ثَلاثةَ رِجالٍ واقِفينَ أمامَهُ، فأسرعَ إلى لِقائِهِم مِنْ بابِ الخيمةِ وسجدَ إلى الأرضِ وقالَ: إنْ كنتَ راضِيًا عليَ يا سيّدي، فلا تَمُرَ مُرورًا بِعَبدِكَ. دَعني أُقدِّمُ لكُم قليلاً مِنَ الماءِ، فتَغسِلونَ أرجلَكُم وتَستريحونَ تحتَ الشَّجرَةِ. وأقدِّمُ لكُم كِسرةَ خبزٍ، فتَسنِدونَ بها قُلوبَكُم ثُمَ تَستَأنِفونَ سَفَرَكُم. وإلاَ لماذا مرَرْتُم بِعَبدِكُم؟ فقالوا لهُ: إفعَلْ كما قُلتَ. فأسرعَ إبراهيمُ إلى سارةَ في الخيمَةِ وقالَ لها: إعجني في الحالِ ثَلاثةَ أكيالٍ مِنَ الدَّقيقِ الأبيضِ واَخبِزيها أرغِفةً واَندفعَ إبراهيمُ نحوَ البقَرِ فأخذَ عِجلاً رَخصًا مُسَمَّنًا إلى الخادِم فأسرعَ في تَهيئَتِهِ. ثُمَ أخذَ زبدَةً ولَبَنًا والعِجلَ الذي هيَّأهُ، فوضَعَ هذا كُلَّه أمامَهُم. فأكلوا وهوَ واقفٌ أمامَهُم تَحتَ الشَّجرَةِ. ثُمَ قالوا: أينَ سارةُ اَمرأتُكَ؟ قالَ: هيَ في الخيمةِ. فقالَ أحدُهُم: «سأرجعُ إليكَ في مِثلِ هذا الوقتِ مِنَ السَّنَةِ المُقبِلَةِ ويكونُ لسارةَ اَمرأتِكَ اَبنٌ. وكانَت سارةُ تسمَعُ عِندَ بابِ الخيمةِ وراءَهُ وكانَ إبراهيمُ وسارةُ شَيخينِ مُتَقَدِّمَينِ في السِّنِّ، واَمتنعَ أنْ يكونَ لسارةَ عادةٌ كما لِلنِّساءِ، فضَحِكت سارةُ في نفْسِها وقالت: أبَعدَما عَجزْتُ وشاخ زوجي تكونُ لي هذِهِ المِتعَةُ؟ فقالَ الرّبُّ لإبراهيمَ: ما بالُ سارةَ ضَحِكَت وقالت: أحقُا ألِدُ وأنا الآنَ في شيخوختي؟ أيصْعُبُ على الرّبِّ شيءٌ؟ في مِثلِ هذا الوقتِ مِنَ السَّنةِ المُقبِلَةِ أعودُ إليكَ ويكونُ لِسارةَ اَبنٌ. فأنكَرَت سارَةُ وقالت: ما ضَحِكْتُ، لأنَّها خافَت. فقالَ: لا، بل ضَحِكْتِ.

من رسالة بولس الرسول الى أهل افسس: بارخمار 

لذلِكَ أنا بولُس سَجينُ المَسيحِ يَسوعَ في سَبيلِكُم، أيُّها الذينَ هُم غَيرُ يَهودٍ. ولا بُدَ أنَّكُم سَمِعتُم بالنِّعمَةِ التي وهَبَها الله لي مِنْ أجلِكُم، كيفَ كشَفَ لي سِرَ تَدبيرِهِ بِوَحْيٍ كما كتَبتُ لكُم بإيجازٍ مِنْ قَبلُ. وبإمكانِكُم إذا قَرأْتُمْ ذلِكَ أنْ تَعرِفوا كيفَ أفهَمُ سِرَ المَسيحِ، هذا السِّرَ الذي ما كشَفَهُ الله لأحَدٍ مِنَ البشَرِ في العُصورِ الماضِيَةِ وكَشَفَهُ الآنَ في الرُوحِ لِرُسُلِهِ وأنبيائِهِ القِدِّيسينَ، وهوَ أنَّ غَيرَ اليَهودِ هُم في المَسيحِ يَسوعَ شُركاءُ اليَهودِ في ميراثِ الله وأعضاءٌ في جَسَدٍ واحدٍ ولهُم نَصيبٌ في الوَعدِ الذي وعَدَهُ الله بِفَضلِ البِشارَةِ التي جَعَلَني الله خادِمًا لها بالنِّعمَةِ التي وهَبَها لي بِفِعلِ قُدرَتِهِ. أنا أصغَرَ المُؤمنينَ جميعًا أعطاني الله هذِهِ النِّعمَةَ لأُبشِّرَ غَيرَ اليَهودِ بِما في المَسيحِ مِنْ غِنًى لا حَدَ لَه، ولأُبيِّنَ لِجَميعِ الناسِ تَدبيرَ ذلِكَ السِّرِّ الذي بَقِيَ مكتومًا طَوالَ العُصورِ في الله خالِقِ كُلِّ شيءٍ والنعمة والسلام مع جميعكم يا اخوة . امين .

قراءة من إنجيل ربنا يسوع المسيح بحسب كرازة لوقا

وجاءَ وقتُ أليصاباتَ لتَلِدَ، فولَدَتِ اَبنًا. وسَمِعَ جيرانُها وأقاربُها أنَّ الله غَمَرها برحمتِهِ، ففَرِحوا معَها. ولمّا بلَغَ الطِّفلُ يومَهُ الثـامنَ، جاؤوا ليَختِنوهُ. وأرادوا أنْ يُسمُّوهُ زكَرِيَّا باسمِ أبـيهِ، فقالَت أُمُّهُ: لا، بل نُسمِّيهِ يوحنَّا. فقالوا: لا أحَدَ مِنْ عَشيرَتِكِ تَسَمّى بِهذا الاسمِ. وسألوا أباهُ بِالإشارَةِ ماذا يُريدُ أنْ يُسمّى الطِّفلُ، فطَلَبَ لوحًا وكتَبَ علَيهِ: اَسمُهُ يوحنَّا. فتَعجَّبوا كُلُّهُم. وفي الحالِ اَنفتَحَ فمُهُ واَنطلَقَ لِسانُهُ فتكَلَّمَ ومَجَّدَ الله. فمَلأ الخوفُ جميعَ الجيرانِ.وتحدَّثَ النـاسُ بجميعِ هذِهِ الأُمورِ في جِبالِ اليهوديَّةِ كُلِّها. وكانَ كُلُّ مَنْ يسمَعُ بِها يحفَظُها في قلبِهِ قائِلاً: ما عسى أن يكونَ هذا الطِّفلُ؟ لأنَّ يَدَ الرَّبِّ كانَت معَهُ. والمجد لله دائماً.

عن patriarchate

شاهد أيضاً

مسيحيو الشرق “كنز” ينبغي المحافظة عليهم

مسيحيو الشرق “كنز” ينبغي المحافظة عليهم في ضوء الجمعيّة السينودسيّة القاريّة للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة 12-18 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.