ترتيلة جميلة لصلاة الصبح في الطقس الكلداني
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
“مع شروق الشمس، اسأل نفسك: متى ستشرق أنت“؟ (قول لجلال الدين الرومي الشاعر والمتصوف المسلم التركي 1207-1273)
في الكنائس الشرقية لم يكن يُحتَفل بالقداس الا في الاحاد والاعياد عموماً، بينما صلاة الصبح والمساء مُلْزمِة، ولا يزال غير الكاثوليك يتبعون هذا التقليد، بينما الكاثوليك الشرقيون اتبعوا التقليد اللاتيني في الاحتفال بالقداس اليومي.
أهمية الصلاة. ليس بإمكان المرء أن يكون مسيحياً من دون أن يُصلّي، مثلما ليس بإمكانه أن يحيا من دون أن يتنفس الهواء. الصلاة تنبع من وجدانه، خاصةً عندما يُدرك أنه متعلق بالله أبيه كارتباط الطفل بوالديه، ولا يقدر أن يعيش من دونهما.
نحن في البطريركية نصلي معاً صلاة الصبح والمساء بصيغة مجددة ومختصرة، اي 3 مزامير مختارة عوض 7 و7 ابيات من تراتيل الشهداء بدل 25 أحيانا، ونحتفل بالقداس لان الصلاة زادنا اليومي وقُوَّتُنا. التغيير سنة الحياة، كلنا نتغير، وطقوسنا ينبغي ان تتجدد لتلائم الزمن الحاضر وتحرك مشاعر المؤمن الحالي، خصوصاً ان عالمنا غدا عالماً رقمياً.
الشروق “القِبلة“، يتم بناء الكنائس الشرقية باتجاه شروق الشمس (الشرق) وهو قِبلة الصلاة عندهم. للشرق والشروق اهمية في الليتورجيا الكلدانية لتأكيدها بان المسيح سياتي من الشرق. نلمس ذلك في تسبحة لمار افرام ترتل في صلاة الصبح: تسبحة النور “ܢܘܼܗܪܵܐ ܕܢܲܚ ܠܙܲܕ̇ܝܼܩܹ̈ܐ“.
ترتل الكنيسة الكلدانية صباح كلِّ أحدٍ وعيد وايام الاسبوع تسبيحة صباحية بعنوان “ܒܡܲܕ݂ܢܵܚܲܝ̈ ܨܲܦܪܵܐ – عند شروقِ الصبحِ”. هذه التسبيحة تأتي بعد ترتيل سلسلة من المزامير وتراتيل الشهداء، وتتكون من ثلاثة مقاطع (strophes) لايام الآحاد والاعياد. اضيف اليها لاحقا مقطعان لايام الاسبوع غير منسجمين مع سياق النص. انهما يشيران الى حماية الله لداود من بطش شاؤول وانقاذه موسى في البحر ودانيال وال حننيا من الجب والاتون.
هذه التسبيحة المفعمة بالرجاء لا نعرف مؤلفها ولا زمن إدراجها في صلاة الصبح، نجدها في ترتيلة صباح الاحد الرابع من زمن الرسل1 كـ “ܥܘܢܝܬܐ ܕܨܦܪܐ” (حوذرا 3 ص126). هنا كان مكانها الاصلي، فاُدخلت لاحقاً في صلاة الصبح للاحاد والاعياد وايام الاسبوع لجمالها وغناها الروحي.
- المقطع الاول. صلاة شاملة جميلة هي بمثابة طلبات (universal prayer)، توجه المؤمن في مطلع نهاره الى تقديم الشكر لله على خلاصه (على سلامته في الليل)، وطلب مباركة نهاره ليكون مملوءً سلاماً وراحةً، ومنحه المغفرة إنْ خطيء.
التوجه نحو المشرق في الصلاة يعبر عن لاهوت الانتظار والرجاء على ان المسيح سياتي من المشرق. وفي القداس كان الاسقف أو الكاهن سابقاً يحتفل به ووجه نحو المشرق بالتصاق المذبح، وليس كما هو حاليا – بعد المجمع الفاتيكاني الثاني- حيث وجهه تجاه الناس لان المركز هو المسيح الحاضر في هيئة الخبز والخمر. انه لاهوت الحضور – الاستحالة.
- المقطع الثاني الرجاء. يعترف الانسان بهشاشة حياته، وخوفه من الامراض والنكبات والاعداء، لذا يعتمد على الله كما يفعل الطفل، لان به رجاؤه وثقته في حمايته ورعايته امام ما يهدد وجوده الجسدي والروحي، يقيناً ان الله وحده قادر ان يضمن حياته؟ الرجاء مرتبط بالمستقبل، يُنعِش الثقة ويبعد الخوف “ان الهنا هو إله الرجاء” (رومية 15/ 13).
- المقطع الثالث يعود ليؤكد على طلبات من اجل حياة مستقرة وسعيدة. السلام ضرورة حياتية كما الحب، والانسجام بين السلطتين الدينية والادارية-السياسية. كما نصلي من اجل شفاء المرضى، وديمومة العافية للاصحاء، والاعفاء من الذنوب- الديون ܚܵܘܒܹ̈ܐ وكأننا في سنة اليوبيل، اي الغفران والمصالحة.
_________________
1 Juan Mateos, Lelya –Sapra , les offices Chaldéens de la nuit et du matin,OCA 156, Rome 1972 p.72 no 1