أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار البطريركية / المحبة الشيء الأعظم في حياتنا

المحبة الشيء الأعظم في حياتنا

 المحبة الشيء الأعظم في حياتنا

 الارشاد الروحي الثاني للراهبات، بنات مريم الكلدانيات

 30/11/2021

 الكاردينال لويس روفائيل ساكو

الحياة قيمة كبيرة. الحياة نعمة من الله. الحياة علاقة حب وصداقة. من نُحبه يعيش فينا كما أشرت في ارشادي بالامس. انا مكرس ينبغي ان ابذل جهدي لكي أعيش حياتي من كل قلبي وبفرح ، و ان انقل ما اختبره  الى الاخرين.

لنُجدّد قلبنا وفكرنا وسلوكنا على المستوى الإيماني والروحي و الكنسي والاجتماعي.

نحن حَمَلة رسالة مسيحية. نسير معاً مسيرة السينودس” بعيداً عن الفردية والأنانية.

انتنَّ جماعة رهبانية أي عائلة واحدة فالسير معاً هو من صُلب دعوتكنَّ. لا ينبغي التوقف أبداً، بل السير الى الأمام بثقة… الراهبة والراهب والكاهن ينبغي ان ينمحي امام الله وامام الرسالة الملقاة على عاتقه!

السؤال المطروح علينا هو: هل نحن منفتحون على بعضنا البعض أم منغلقون كل واحدٍ على نفسه، أنانيته؟ الانغلاق نوعٌ من أنواع الموت! يقول مار بولس: “أنسى ما ورائي وانبسط إلى ما هو أمامي” (فيلبي 3/ 13). وبمعنى آخر كما يشير عالم الرياضيات الالماني ديفيد هيلبرت: “ثقافة التخطي” يقول: “لا تستمر الحياة الا بالتجاوزات. يجب ان تتجاوز ندمك، وتتجاوز هزيمتك وتتجاوز بعض الأشخاص أيضاً”.

الاكليروس يتكلم كثيراً عن المحبة، لكن الناس أحياناً لا يصدقوننا ،  لأن المحبة – الحبّ ليست كلاماً، بل مواقف وسلوكاً. لنخرج من “قلعتنا” لنعيش مضمون تكريسنا، وليس الشكل “الثوب لا يصنع راهباً”. سوف نُسأل عن: ماذا فعلنا  لاخوتنا؟ كيف أحببناهم؟ وكيف رافقناهنَّ روحياً؟ المشكلة الاساسية هي في التعامل مع الآخرين؟  ببساطة  ان محبة الآخرين هي التي ترسم شخصيتنا. لذا علينا ان نتعرف على بعضنا البعض عن كثَب وبالحق؟ وليس عن طريق الشائعات والأوهام. من المؤسف ان مجتمعنا يُروّج الشائعات؟

 نشيد المحبة

 لو تَكَلَّمتُ بلُغاتِ النَّاسِ والمَلائِكة، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا إِلاَّ نُحاسٌ يَطِنُّ أَو صَنْجٌ يَرِنّ. ولَو كانَت لي مَوهِبةُ النُّبُوءَة وكُنتُ عالِماً بِجَميعِ الأَسرارِ وبالمَعرِفَةِ كُلِّها، ولَو كانَ لِيَ الإِيمانُ الكامِلُ فأَنقُلَ الجِبال، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا بِشَيء. ولَو فَرَّقتُ جَميعَ أَموالي لإِطعامِ المَساكين، ولَو أَسلَمتُ جَسَدي لِيُحرَق, ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما يُجْديني ذلكَ نَفْعاً. المَحبَّةُ تَصبِر، المَحبَّةُ تَخدُم، ولا تَحسُدُ ولا تَتَباهى ولا تَنتَفِخُ مِنَ الكِبْرِياء، ولا تَفعَلُ ما لَيسَ بِشَريف ولا تَسْعى إلى مَنفَعَتِها، ولا تَحنَقُ ولا تُبالي بِالسُّوء، ولا تَفرَحُ بِالظُّلْم، بل تَفرَحُ بِالحَقّ. وهي تَعذِرُ كُلَّ شيَء وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء وتَرجو كُلَّ شيَء وتَتَحمَّلُ كُلَّ شيَء. المَحبَّةُ لا تَسقُطُ أَبَداً” (الاولى الى قورنثية 13/ 1-8)

 بولس لا يتكلم عن المال أو السلطة أو الجاه أو المعرفة التي كان معاصروه يعدّونها قيماً كبرى وهدفاً للوصول اليها كما هي الحال في مجتمعنا العراقي الحالي للأسف، انما يتكلم عن أعظم شيء في حياتنا، انها المحبة – الحبّ، ومن دونها تكون حياتنا فارغة.

عرف بولس واقع القورنثيين وفهِم ان ليست فيهم المحبة، بل تُهيمن عليهم مشاعر الطمع والحسد والغيرة والنميمة والتحزُّبات، مما فكَّك الجماعة وشتَّتها. كثيرون اليوم  يعدون أنفسهم مسيحيين (ومكرَّسين ومكرَّسات) ويمارسون الصلاة وطقوس العبادة والصوم، لكن ليست في حياتهم المحبة والمغفرة، فصلاتهم باطلة، وتكريسهم شكلي لان ليس فيهم المحبة. ويؤكد بولس  ان الله محبة.

 تقول” القديسة ترازيا: “أحبب واعطِ كلَّ شيء.. أعطِ ذاتك”.

هنا أود ان ألفت النظر الى ان كلمة “المحبة”charity  ليست love الحبّ، المحبة تميل الى الرحمة أكثر منها الى الحبّ الوجداني النابع من القلب.

* الحبُّ يعيش في الحقيقة وليس في الوهم، لا زيف فيه ولا عُقدٌ. انه متدفق كالشلال!

* الحبُّ متجردٌ يجهل عقلية “أعطِني، أعطيك”! الحب لا يمكن تحويله الى شيء “سلعة”.

* الحبُّ يجعلنا ننمو نموّاً سليماً وبديعاً بحيث يغمر كياننا.

* الحبُّ عندما يعيش فينا يجسّر حياتنا تجسيراً متيناً حتى لو وجدت بعضُ تمزقات!

* الحبُّ لا يوحش ولا يقلق ولا يحبط، لهُ قلب كبير ونَفَس طويل، منعشٌ ومشاركٌ ومتجدد دوماً.

*الحبُّ لا يُحزن أحداً ولا يمسح شخصية أحد، ولا يفعل أمراً معاكساَ، ولا يعتريه الضعف أمام الشدائد والألم، ولا يؤمن بتوقف الحياة، بل يُشرق فينا أملاً وثقةً وحيويةً ونشاطاً، وسلاماً وفرحاً.

* الحبُّ عيدٌ واحتفالٌ وانفتاحٌ على المستقبل!

* الحبّ لا يحتاج الى الكلام فهو يُعبّر عن نفسه! الحرف يميت والروح يحيي (2قورنثية3/6).

* الحبُّ يُعطي قوّةً وزخماً لمواجهة التحديّات وتجاوز الصعوبات، وهو الرابط الأقوى بيننا كبشر، وبيننا وبين الله خالقنا.

* الحبُّ الحقيقي انعكاس لحبّ الله لنا، لذا نَحن مدعوون لتنشئة ذاتنا.

* الحبُّ مشروعٌ ديناميكيٌّ يُدهش ويُبهج ويَرتقي ويّسمو عبر إندماج تدريجيّ وليس آليّ.

* من يُحبّ لا يخشى أن يهب ذاته في تكريس حرّ وخصب في الخدمة: جسداً ونفساً وقلباً وفكراً.. ومن هذا المنظور ينبغي ان نفهم قول يسوع: “من خسر نفسه يجدها” (متى16/25).

* الحُبُّ يُحَوِّلُ كلَّ شيءٍ الى خيرٍ كبير. لذا يؤكد بولس على أن الحبَّ لا يسقطُ ابداً!

* حبّ “الانا” أصل الشرور كلّها، ويدمّر كلَّ علاقة.

يقيم مار بولس مقارنة بين المواهب والحبّ – المحبة

البلاغة، لو تكلمت لغات الناس والملائكة وليس فيَّ المحبة فانا نحاس يطنّ.. اي لا يوجد قلب، ولا توجد مشاعر.

 النبوة، معرفة الاسرار غير مجدية اذا لم تكن هناك المحبة. المحبة جوهر الله وكمال الانسان.

 يتكلم بولس في ثلاث آيات مدهشة عن الشيء الأهم في حياتنا هو المحبة ويشبّهها بالنور المكسور على الموشور. فيها تسعة عناصر:

الصبر، المحبة صبورة، ولكن لا أعلم الى اي حد نحن صبورون؟

 اللطف، الحلم ليس فيه قسوة وعنف. اللطف كالنسيم ينعش.

السخاء، انه فاعل، حتى بذل الذات، ليس فيه أنانية ولا غيرة ولا حسد، انه فرح العطاء.

التواضع، ليس فيه تكبُّر ولا ينفخ نفسه. “له ينبغي ان ينمو ولي ان أنقص” (يوحنا 3/13).

الاحترام، لا يحتقر أحداً، ويقيِّم كل واحد. ويرى كل شيء بشكل ايجابي.. مثال الاسقف السويسري الذي استقبل كاهنين عراقيين في المطار وحمل حقيبتهما واستضافهما في مطرانيته من دون ان يقول لهما انه الاسقف، وفي المساء عرفا انه الاسقف فاعتذرا!!!!

 الغيرية، المحبة لا تسعى لمصلحتها. المحبة تذهب الى أبعد.

الوداعة، لا تغضب و لا تستخدم الحدّة (العنف).

طول أناة، لا حقد ولا كراهية، بل هدوء وتأنّي وحكمة

المحبة، هي الشريعة والأنبياء يقول يسوع، انها وفرة الحياة (يوحنا 10/10).

اتمنى لكنَّ في عيدكنَّ “العذراء المحبول بها بلا دنس” في 8/12/2021 كل خير وبركة سماوية.

عن Maher

شاهد أيضاً

البابا فرنسيس: العالم يسير نحو الهاوية إذا لم تنتهِ الحروب

البابا فرنسيس: العالم يسير نحو الهاوية إذا لم تنتهِ الحروب فاتيكان نيوز :   في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.