أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / تعقيب عامر نجمان على مقالة التأوين

تعقيب عامر نجمان على مقالة التأوين

تعقيب عامر نجمان على مقالة التأوين

في تعقيبي هذا اود ان اركز على المعنى اللغوي الذي يبدو غير واضح لكلمة التأوين. هذا التوضيح هو للقارئ الكريم كي يتفادى الخلط والالتباس. التأوين اللاهوتي (Theological Recontextualisation) كما ذكرتم في مقالكم الاول، هو نقل الايمان بلغة معاصرة تحاكي واقع المؤمن وتخاطب همومه وتطلعاته. هنالك من يخلط بين التأوين والتأقلم (adaptation) والذي معناه التعامل مع الواقع المفروض، وهو ضمنيا من وسائل الانتخاب الطبيعي. ايماننا لا يقبل التأقلم السطحي بسبب ما تفرضه الظروف. ايماننا حي يقوم بمسيرة تأوين للمحتوى الايماني نفسه. ايماننا قادر على تكلم لغة هذا العصر بكل ما يحمله العصر من تحديات. يقبل التحدي من المجتمع المعاصر ويتحدى هذا المجتمع بمواقفه النابعة من عمق التواصل والصلة بالله والمسيح مخلصنا. ايماننا مر بهذه الخبرات وتمكن من تأوين ذاته منذ عهد الرسل. الرسل الذين انتشرو في العالم القديم وتأثروا واثروا به، تمكنوا من ايصال رسالة الايمان لشعوب لم يكن لها صلة بثقافة ارض فلسطين في زمنهم. وصل الايمان لشعوب لم يكن لها معرفة بأي شيء يخص انبياء العهد القديم.

كيف تم ذلك؟ اكيد بنعمة الروح القدس وفطنة الرسل الاوائل وانفتاحهم على ثقافات الشعوب التي نقلو لها البشرى السارة. كلامك عن اللغة جدا مهم وهو مفتاح الدخول لثقافة العصر الحديث. كما ذكرتم غبطتكم حتى في نفس اللغة ذاتها هنالك كلمات ومصطلحات غير مفهومة لانسان اليوم، وهذه الظاهرة واضحة جدا في المهجر. هنالك مسافة شاسعة بين الارث الايماني و واقع الانسان في المهجر، هذه المسافة هي كبيرة الى حد ان الانسان لم يعد يربط بين الرمز الديني ومعناه العميق. هذا الانقطاع عن التقليد (Interrupting tradition) هو نتيجة العلمنة من جانب ونتيجة عدم تأوين لغتنا الايمانية من جهة اخرى. تخيل معي غبطتكم وكل من يقرأ هذا النقاش، ان يكون جواب الكنيسة على هذا الواقع هو التزمت والعودة بقوة ليس فقط للسورث وهي لغة مازالت محكية في بعض القرى ومن هم منحدرون منها، لكن العودة للغة القديمة، لغة الحوذرا. النتيجة هي ازدياد الهوة بين الكنيسة والمجتمع الى درجة الانفصال التام، خلق مجتمعات منغلقة على ذاتها، تكره واقعها، تدعم التزمت الديني ومتطرفة في الفكر. هذه لم تكن طريقة الرسل الذين اختبروا وعاشو مع يسوع المسيح مخلصنا! لماذا لم يكن الطابع المنغلق والمتزمت سائدا بين الرسل؟ الجواب هو ان خبرتهم مع المسيح فتحت اعينهم لجانب مهم من الانسانية وهو بنوة الانسان لله. لذلك ذهبو الى كل العالم المعروف حينها واوصلوا رسالة المسيح لكل الثقافات واللغات المعروفة حينها. هذه هي خبرتنا الايمانية، خبرة آباء ايماننا الذين اختبروا الحياة مع الرب وسمعو كلماته ذاتها وتعلمو اسلوبه في جذب قلب الانسان واعطائه رجاءً في الحياة. لو كان للرسل توجه انغلاقي انعزالي متخوف من الثقافات المختلفة والمجتمعات الجديدة، لكان ايماننا الذي نعرفه اليوم مجرد صفحات في كتب المؤرخين، مثله مثل غيره من الاديان الكثيرة التي ظهرت واندثرت عبر العصور. الانفتاح ليس طارئ على ايماننا المسيحي. ان طبيعة ايماننا منفتحة، انه شيء ولد مع ايماننا ولم يضفه احد لاحقا! هذا كلام يشمل كل المسيحية ليس فقط الكاثوليك، كون الرسل هم من نقلوا الايمان لكل من يعرف المسيح اليوم في اقطاب العالم الاربعة. كلام غبطتكم الذي اقتبس منه “هذا السعي هو علامة الكنيسة الحية، التي تعيش امانتها للمسيح وللناس الذين هم جزء منها” يعني وبقوة ان الامر ليس مجرد عمليات تجميلية مؤقتة (botox injection) بل هي من طبيعة ايماننا و واجب مقدس على عاتق الكنيسة اتمامه. ان كنيستنا محظوظة بفكركم القيادي المتنور في هذا الجانب المهم والحاسم لمستقبل الايمان.

عن Maher

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.