سلسلة مقالات عن الليتورجيا الكلدانية
المقالة 3 – الكتب الطقسية للصلوات
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
الصلوات الطقسية هي صلاة الجماعة الرعوية وليست للكهنة فقط. يشترك فيها الشمامسة ويحضرها المؤمنون. سابقاً لم يكن يوجد قداس يومي، بل كانت توجد صلاة الصباح والمساء. بها يبدأ المؤمنون نهارهم مع الكنيسة وفيها بصلاة شروق الصبح ܒܡܕܢܚܝ ܨܦܪܐ وينهونه بصلاة غروب الشمس (الرمش). التسمية الصحيحة للصلاة الطقسية هي صلاة الجماعة ܨܠܘܬܐ ܕܓܘܐ كما عنونها الأب بنيامين بيت يدكر، وليس الصلاة القانونية للكهنة أو الفرض. هذه تسميات غربية خاطئة بالنسبة لتقليدنا. هذه الصلوات والمزامير والتراتيل والقراءات توفر غذاءً روحياً للمؤمنين على مدار السنة.
إنها وديعة من إرث الآباء والأجداد القديسين ينبغي أن تؤدَّى بتطبيق جديد، لتمنح المؤمنين الرجاء والقوّةً الكافية للالتزام بالإيمان والأمانة له.
الكنيسة هي سرّ sacrament المسيح. واحتفالاتها الطقسية هي احتفالات بسرّ المسيح الفصحي. يقول المجمع الفاتيكاني الثاني: “لقد ضمّ [المسيح] اليه الجماعة البشرية كلها واشركها معه في نشيد المديح هذا: (الدستور في الليتورجيا رقم 83).
يعطي الكاردينال اوجين تيسيران (+972) شهادة بديعة لطقسنا في مقدمته لطبعة الحوذرا 1938: “ان قِدَم وغِنى وجَمال طقس السريان المَشارِقة المدهش لا يحتاج الى أدلّة وتأكيد. كل المتخصصين في الطقوس الكنسية يشهدون على ذلك بالإجماع” (مقدمة المجلد الاول ص 5-6).
هذه شهادة تفتخر بها كنيستنا وهذا يدفعها الى أن تُصدر كتبها الطقسية بطبعة أنيقة وجميلة تعكس جمال من تحتفل به.
استعملت كنيسة المشرق المخطوطات الكبيرة في تأدية صلواتها، قبيل ان تُخترّع المطبعة. وكُتِبَت بالخط السرياني المشرقي. وان أقدم مخطوطة موجودة حالياً هي مخطوطة مار إشعيا في الموصل التي تعود الى القرن الحادي عشر1.
قُسِّمت هذه الصلوات الى ثلاث مجلدات – مخطوطات:
- الحوذرا ܚܘܕܪܐ (تعني الدورة الطقسية) تحتوي صلوات الصباح والرمش للآحاد.
- الكنز ܓܢܙܐ صلوات الصباح والمساء للتذكارات.
- الكشكول ܟܫܟܘܠ (أي لملوم) صلوات الصباح والمساء للأيام العادية2.
عموماً ترتيلة الرمش للأيام العادية مقتبسة من تراتيل الأحد الذي يسبق.
سعى البطريرك إيليا الرابع عشر عبو اليونان (1879-1894) لتنظيم الطقوس وتوحيد استعمالها في كل الكناس وطبعها، فراجع الصلوات الطقسية، وطقس القداس والمعمودية باتفاق الأساقفة خصوصاً المطران عبديشوع خياط (اصبح بطريركاً 1894-1899) الذي كان مُطَّلعاً على الطقوس. وكلَّف الأب بولس بيجان اللعازري للقيام بهذه المهمة. دمج الأب بيجان الصلوات كلها في مؤلف واحد سماه الحوذرا واهمل التسميات السابقة. وجاءت الطبعة في ثلاثة مجلدات بعنوان ܨܠܘܬܐ ܩܢܘܢܝܬܐ ܕܟܗܢܐ ܐܝܟ ܛܟܣܐ ܕܣܘܪ̈ܝܝܐ ܡܕܢܚܝܐ̈ ܕܗܢܘܢ ܟܠܕܝܗܐ، اي الصلوات القانونية للكهنة بحسب طقس السريان المشارقة الذي هم كلدان3.
الأول أبصر النور سنة 1882 بباريس، وتصدر بمقدمة للبطريرك عبو اليونان. تضمن صلوات الآحاد والأعياد والأيام العادية من البشارة الى الصوم الكبير. والمجلد الثاني سنة 1887 تضمن صلوات آحاد الصوم الكبير الى أحد حلول الروح القدس. والمجلد الثالث في نفس السنة وتضمن صلوات أحد الروح القدس الى آخر أحد من تقديس الكنيسة. هذه الطبعة الأنيقة تمت على نفقة مجمع انتشار الإيمان وهي المستعملة الى يومنا هذا.
بعده أوقف البطريرك عبو اليونان طبع الطقوس الاُخرى لان الأب بيجان غيَّر النصوص المُتَّفَق عليها3 وغيَّر بعض العبارات، اذكر منها على سبيل المثال، عبارة “اُم المسيح غيَّرّها الى “اُم الله”.
اُعيدَ طبع الحوذرا من جديد سنة 1938 في روما على نفقة مجمع الكنائس الشرقية واضيفتُ اليها مقدمة بقلم الكاردينال اوجين تيسيران عميد المجمع الشرقي انذاك.
مؤخراً، اُعيدَ طبعها ثلاث مرات: الاولى بهمَّة الأب يعقوب يسّو في ديترويت – الولايات المتحدة الامريكية سنة 1999 والثانية بهمَّة الأب بطرس يوسف في مجلد واحد سنة 2002 وقدَّمَ لها البطريرك روفائيل الاول بيداويذ، لكن حرف هذه الطبعة صغير واستعمالها غير عملي.
والثالثة طبعها الاب بنيامين بيث يدكر في مجلد واحد التي جاء بحرف كبير في جورجيا سنة 2008 بعنوان ܨܠܘܬܐ ܕܓܘܐ ܕܥܕܬܐ ܕܡܕܢܚܐ ܕܟܠܕ̈ܝܐ أي الصلاة العامة لكنيسة المشرق الكلدانية. اما كنيسة المشرق الآشورية فالطبعة الوحيدة صدرت في مدينة تريشور الهندية سنة 1960 بمساعي المطران (البطريرك) مار توما درمو.
كتاب دقذام ودباثر ܟܬܒܐ ܕܩܕܡ ܘܕܒܬܪ
كتاب الصلوات الثابتة للآحاد وأيام الاسبوع اي المزامير والتراتيل والصلوات التي تسبق المزمور الأساسي 141 “لِتَكُنْ صَلاتي بَخوراً أَمامَكَ ورَفعُ كَفَّيَّ تَقدِمةَ مَساء” (141/2). هذه الصلوات موجودة في الحوذرا المطبوعة، لكن لتسهيل الاستعمال اليومي للشمامسة نظمت هذه الصلوات في كتاب واحد. الطبعة الاولى صدرت في مطبعة الآباء الدومنيكان سنة 1866 و1903 و1924.
والطبعة الرابعة للمطران سليمان الصائغ في المطبعة الكلدانية 1947 والاخيرة طبعة بغداد 1998 بمساعي الأب (المطران) سرهد جمو.
اما صلوات البطريرك ايليا ابو حليم التي تقال في بداية صلاة الصبح أيام الأعياد الكبرى وبعض التذكارات فهي مُدرجة في كتاب الحوذرا، ولا داعٍ لتكون في كتاب منفرد.
صلاة المساء والصباح بالعربية والسريانية
لما كانت معظمُ رعايانا اليوم فقدت ممارسة الصلاة الطقسية الاحتفاليّة بسبب اللغة والطول والتكرار وغياب التأوين، رأيت أن أترجم ما يمكن ترجمته من صلوات طقسنا العريق بغية تشجيع الصلاة الجماعية مساءً وصباحاً في الخورنات والأديار والجماعات المكرّسة التي تعيش حياة مشتركة.
حافظتُ على التراتيل والتسابيح وترانيم الشهداء بالسريانية الكلدانية وبنفس اللحن في العربية، والتي كان قد بدأ بترجمتها وصياغتها الأب المرحوم يوحنان جولاغ، مع بعض التنقيح والمراجعة.
وقد أدخلت قراءة من الكتاب المقدس لصباح ومساء كل يوم مع التأمل في النص وقراءة قصيرة لنص من آباء كنيستنا العظام.
رفعتُ عن المزامير عبارات اللعنة واخترتُ ثلاثة مزامير للرمش قصيرة وثلاثة لصلاة الصباح مع الاحتفاظ بالأحد الفردي والزوجي. هذا الكتاب صغير يمكن حمله في السفر عكس كتاب الحوذرا الثخين. ما قدّمته ليس إلا محاولة أولية، أتمنى أن يقوم آخرون ممن لهم المقدرة على محاولات أفضل.
_______________
1 حالياً موجودة في مركز توثيق المخطوطات الشرقية الرقمي الذي يشرف عليه سيادة المطران ميخائيل نجيب ميخائيل.
2 Juan Mateos, sj Lelya-Sapr, Les offices Chaldéennes de la nuit et du matin édition Rome 1972 p.5-7، المطران جاك اسحق الصلاة الليتورجية ص 6974 ، Fr. Sylvester Pudicgery, Ramsa, India 1972 p.5-16
3 ساكو سير البطاركة ص 183
4 تسمية السريان المشارقة والمغاربة تسمية جديدة غريبة، لان الطقوس مختلفة، فالطقس الكلداني نشأ في بلاد ما بين النهرين والسرياني انطاكي تأثر بالطقس البيزنطي اليوناني!