المقدمة:
في لقاءات كهنة حول الاستعدادات الخاصة بانطلاق رتبة القداس الكلداني المؤوّن (جاء مع متطلبات الآن الحاضر)، وما تم اكتسابه من معلومات في التداول بهذا الشأن، جاءت فرصة المشاركة بهذه المعلومات، ودعمتها فكرة أحد الأصدقاء الكهنة أن يرافق ذلك تسجيل فيدوي يستعرض المعلومات على شكل حي مباشر، وكل هذا مصحوبا بالنبذة المكتوبة والمعتمدة في العرض الفيديوي، فكانت هذه الصفحات.
سياق العرض يعتمد على ما صدر من البطريركية الموقرة، من تعليمات، وما ورد منها من أجوبة على الاجوبة المطروحة في هذا الشأن. ليس فيه اذن، لا إضافة ولا اجتهاد شخصي، بل مجرد تعمق لفهم السياقات وعرض ما تم فهمه، سواء من خلال التعليمات أو من خلال التطبيق التحضيري في أسابيع تقديس البيعة، التي اطلقت خلالها الرتبة وصولا، الى موعد اعتمادها رسميا في أول سابوع البشارة. ومع هذا الحرص، يبقى الباب مفتوحا أمام أي أضافة او استخلاص تقوم به البطريركية، في اطار توجيهات غبطة البطريرك، وآراء أحبار السينودس واللجنة الطقسية، خصوصا وأنه كما جاء في إحدى الإجابات البطريركية يتم جمع الملاحظات، من اجل نص ثابت ومرتب وشبه نهائي، بعد النص الحالي الذي هو للتجربة، وفيه بعض الامور التي تحتاج الى ضبط.
الرتبة ومعطياتها في اطار الكنيسة الجامعة.
من باب المقارنة، مع النص النهائي لقداس الطقس اللاتيني في تعديله الثالث 2011 منذ المجمع الفاتيكاني الثاني، لاستخدامات النسخة الانكليزية في كنيسة كندا: فإن الصفحة الاولى من هذه النسخة تحمل كون الرتبة، تم تجديدها بقرار من المجمع الفاتيكاني الثاني، مروجة تحت سلطة البابا بولس السادس، ومراجعة بإشراف البابا يوحنا بولس الثاني، والصفحة مذيلة بكون الرتبة في نسختها الإنكليزية الحالية، مقرة لابرشيات كندا، من قبل مجمع الاساقفة الكاثوليك وتم تصديقها من قبل الكرسي الرسولي. تليها صفحة داخلية لحيثيات ترجمة وطباعة النسخة المعنية. ثم يدخل الكتاب في صفحات توجيهات الكرسي الرسولي، لتنتهي بقرار النشر على المستوى المحلي في كندا، موقعا من قبل رئيس مجلس الاساقفة الكاثوليك في كندا.
وسياق إصدار رتبتنا، مشابه لما ذكر أعلاه، ولا بد وأن النص النهائي الذي سوف يصدر في حينه، سيحمل حيثيات الاصدار والنشر والطباعة في المكان المتصل. إن الاشارات لهذه الاقرارات في طبعات الكنائس الكاثوليكية الرسمية والطقسية والعقائدية، هي التي تحمل مع يجعل الكنائس التي تعتمدها بأنها كلها بشركة تامة مع روما.
وعلى مستوى رتبة القداس الكلداني في خورنتنا بكندا، فإن عامل تجاور الخورنات والابرشيات في كندا والولايات المتحدة، اعطى خلفية من خبرة التفاعل مع السياقات الطقسية، في ابرشيتي ميشيغان وكاليفورنيا. والسعي لتقديم قاسم مشترك بين خورنتنا، مما يساعد المؤمنين، عند التنقل بين كاليفورنيا وانتاريو ومشيغان، أن يتآلفوا مع السياقات، وليس فقط مجرد الحيرة اوقات الجلوس والوقوف.
من ذلك وقبل صدور الرتبة، كان هناك تفاعل مع الجهات القريبة من اللجنة الطقسية، في أبرشيات شمال امريكا، لنجد على سبيل المثال لا الحصر، فكرة استبدال ترتيلة التقادم (كروي وسرابي ورباي مالاخي- تتكلم عن جسد المسيح ودمه الكريم على المذبح المقدس…) وقبل تكريس التقادم، مما يبين بأنها زحفت عبر الزمن الى هذا المكان بفعل الاستخدامات المختلفة،
وحذونا حذو خورنات في شمالي امريكا باستبدالها بترتيلة ها مزمنيتون- ها انتم مدعوون. وكذلك الشأن في تحريرك ترتيلة ليقبل هذا القربان من موقعها في الصلاة سفر الاحياء والاموات نصلي شلاما عمان. والتركيز على أن تتلى على المؤمنين فقرات من الصلوات التي كانت تخص الكاهن، أبرزها صلاة: المسيح سلام العلويين، الجميلة بمعانيها ومعاصرتها- مشيحا شلاما دعلايي.
المقاربة مع رتبة القداس في الكنائس التي تستخدم الطقس اللاتيني بمختلف اللغات.
هذه المقاربة التي سأوردها أتاحتها فرصة تواجدنا ككهنة كلدان متجاورين مع خورنات لاتينية، ومختلطين معهم في المناسبات، عموما، أضيف إليها فرصة العمل كراعي لابرشية فرنسية على الطقس اللاتيني وبنفس الوقت خدمة الخورنة الكلدانية.
كوننا كاثوليك، توجد بطبيعة الحال، قواسم مشتركة مع الكنيسة اللاتينية وسائر الكنائس الكاثوليكية ضمن الكنيسة الجامعة.
هذه نبذة عن المراحل الرئيسة للقداس في الطقس اللاتيني قد تساعدنا على المتابعة والتعمق في طقسنا، فنرى هذه المراحل هي ذاتها الموجودة في طقسنا، ولكنها موجودة في مكان آخر من القداس، او تعتمد بشكل مختصر، يكاد المؤمن لا يحس بالوجود البارز لتلك الفقرة، كما في طقسنا الشرقي.
محطات مشتركة في طقوسنا الكاثوليكية بمواقع وصيغ متباينة:
في المراحل الاولى، من الطقس اللاتيني، و قبل القراءات، تأتي تشبوحتا لالاها بمرومي، المجد لله في العلى… والتي نبدأ بها قداسنا.
تتضمن الصلوات التمهيدية رتبة التوبة وصلاة الحلة. تعقبها قراءات الاحد، ثابتة على ثلاثة قراءات، الاولى تكون من العهد القديم، او سفر الرؤيا، أو اعمال الرسل.
بعد الموعظة، يأتي قانون الايمان يليه ما يقابل نقوم شبير- الطلبات لدينا. ثم النية الرئيسة للقداس، أو الاشارة لحاجة صلاة من أحد المؤمنين. وقد كتبت عن موضوع النيات، وتباينه مع السياق المتبع لدينا في مقال سابق نشر في الموقع البطريركي. هذه الطلبات تقترب من فكرة سفر الاحياء والاموات نصلي شلاما عمان، وتتخذ نفس فكرة نقوم شبير لدينا بعد الموعظة ايضا.
بعدها تأتي مرحلة التقادم، ومعها تقدم سلة لمة عطاءات المؤمنين. ولا توجد قائمة طويلة للنيات عن الاموات، التي ظهرت اساسا لدعم الكاهن، وهو الان له راتب، وعليه تكون نيات المتوفين متوزعة على ايام قداديس الكاهن، وما يفيض منها يعطى لدعم الارساليات والكنائس في العالم الثالث، وكذلك تعطى مركزيا لقداديس الكهنة المتقاعدين.
المدخل المشترك للصلاة الاوخارستيا القانونية
بعدها تأتي الصلاة القانونية المركزية للقربان الاوخارستي، تبدأ بالمدخل ارفعوا (قلوبكم) الى العلى، نرفع الشكر الى الله، يليق ويحق، فصلاة المقدمة التي تؤدي الى الانتقال الى الاجواء السماوية والاشتراك مع الملائكة في التسبيح في اطار رؤيا النبي اشعيا، قدوس قدوس قدوس.
أندماج وتقديم دعوة الروح القدس وسر العشاء الاخير
ما يتباين بين الطقس اللاتيني والطقس المشرقي، من حيث التسلسل هو:
في الطقس اللاتيني، تأتي دعوة الروح القدس مندمجة في مقطع بارز واحد يأتي في بداية الصلاة الاوخارستية وتتبعها صلاة سر العشاء الأخير، وتأتي دعوة الروح القدس في بدء الصلاة الاوخارستية، بهذه الكلمات:
Make holy, therefore these gifts by sending down you Spirit upon them like a dewfall, so that they may become for us the body and blood of our Lord Jesus
ما ترجمته: اجعل هذه التقادم تكون مقدسة بارسال الروح القدس ينهمر عليها، فتغدو لنا جسد ودم ربنا يسوع…
وهكذا فإن سر العشاء الاخير، يأتي بعد صلاة مختصرة لدعوة الروح القدس تكاد لا تلفت الانتباه، سوى انها ضمن المرحلة التي يكون فيها المؤمنون راكعين.
أما الكاهن الشرقي الذي يقدس في هذا الطقس اللاتين، فإنه في هذه اللحظة شبه العابرة، يعيش حالة طقوسية متميزة إذ يعرف كيف يركز على مرحلة دعوة الروح القدس، حتى بالحركة الاحتفالية بنزول الروح القدس. لأننا نعرف أهميتها في طقسها، فيما تعد عند المحتفلين بالطقس اللاتيني كأنها صلاة مثل سائر الصلوات.
أما عندنا فهي تكون موضوع تحضير وتركيز واجترار، بعد سر العشاء الاخير.
تركيز اختصار في الكسر والوسم بالطقس اللاتيني، واشباع واجترار في طقسنا المشرقي.
المرحلة الاخرى المتباينة هي مرحلة الكسر والوسم، التي ايضا ليست في الرتبة اللاتينية بالطقوسية الجميلة التي نحتفل بها، ونقوم بها على ثلاث مراحل: اولا: الكسر، ثانيا: وسم قطعة من القربان بمزيج الكأس، وثالثا، وسم القسم الاخر من القربان، بالقطعة المرشومة في مزيج الكأس.
فيما تكون في الطقس اللاتيني بحركة شبه عابرة، مع صلاة يا حمل الله الحامل خطايا العالم، إذ يكسر الكاهن خبز القربان الى نصفين، ويضع قطعة صغيرة منها من الكاس: مع هذه الصلاة:
ليكن امتزاج جسد المسيح ودمه في هذه الكأس، سببا لنا نحن متناوليه لنيل الحياة الابدية.
موقع الصلاة الربية تأتي كصلاة استعدادية للقربان، تنتهي بتبادل السلام، مباشرة قبل الرفعة الاخيرة بكسر قطعة القربان والمزج في الكأس، وهي تأتي كمحطة تحضيرية أخيرة تؤدي الى التناول.
عبرتان في تبادل السلام بين الطقسين المشرقي واللاتيني
والتمايز في تبادل السلام، في طقسنا الشرقي، يكون المذبح والقرابين مصدر السلام، فيتوزع على المؤمنين، منه عن طريق خادم المذبح، مع توصية الكنيسة في الرتبة المؤنة، بأنه من ثم يجدر بالمؤمنين ان يتبادلوا السلام الذي تسلموه في الصف الاول من خلال الشماس.
أما مصدر السلام في الطقس اللاتيني، فيكون كخلاصة للصلاة الربية، وينطلق من فم ممثل الرب على المذبح: إذ يقول، تبادلوا السلام مع بعضكم البعض بمحبة المسيح، ومن هذه الكلمة يتم تبادل السلام بين المؤمنين، حيثما يكونون، بصلة الكلمة التي تلقتها آذانهم.
خطوات رتبة القداس في طقسنا الكلداني المؤوّن.
كما جاء في تقديم غبطة البطريرك، رفعت بعض النصوص التي انتفت الحاجة اليها، ورفعت بعض التكرارات او الاضافات التي ادخلت عليها فشوهت أصالتها المشرقية.
في الرتبة هذه عودة الى الجذور في الكنيسة الجامعة، انسجاما مع النهج الذي اطلقه البابا بندكتوس، إذ صار تقديم القداس بجانبيه الرئيسين:
إبراز جانب ذبيحة القربان، وبعدئذ المشاركة في المأدبة الإلهية. مع دعوة للشعب بأن يكون له مشاركة فاعلة، في الاجابة على الصلوات والمشاركة المتاحة للمؤمنين، في القراءات والتقادم.
التركيز على الجانب القرباني، جاء في التحضير الابتدائي للقرابين، وفرزها، وبعد رتبة الكلمة، والموعظة وطلبات نقوم شبير، حيث يأتي الطواف بالتقادم، من قبل مؤمنين مختارين في كل قداس، ترافقها ترتيلة الدعوة للمشاركة بمأدبة جسد الرب ودمه والصلاة البارزة للكاهن في رفع التقادم، والصلاة الجوابية للجميع: بأن يقبل هذا القربان..
بهذا نكون نمر على أقسام ثلاثة أولى:
1- صلوات تمهيدية
2- رتبة الكلمة
3- ثم التقادم المتبوعة بقانون الايمان، وصلاة نصلي شلاما عمان، سفر الاحياء والاموات، التي تجعلنا باتحاد روحي مع جسد المسيح السري، الاكليروس والمؤمنين، وباتحاد صلاة مع المؤمنين المنتقلين الى العالم الاخر.
يمثل القسم 4 صلاة التقديس، كصلاة استعدادية، بالشكر وطلب العون للاحتفال بسر جسد الرب ودمه، بنعمة من الرب بالرغم من خطايانا.
في رتبة السلام (القسم 5) ندخل في اجواء استعدادية للمؤمنين، لصلوات القربان، بمدخل الدعوة الى ان نرفع (عقولنا) الى العلى، ويليق ويحق تقريب القربان لله رب الكل، قربان الذبيحة والشكر والتمجيد. ومع المقارنة والطقس اللاتيني تأتي الصلاة التقديمية التي تؤدي الى النورانية: قدوس قدوس قدوس…
وكما ذكرنا في المقارنة الطقسية مع الكنائس الكاثوليكية الاخرى، بأن دعوة الروح القدس تأتي بعد ذكر سر العشاء، تعقبها الصلاة الكهنوتية الافخارستية، وتتكلل هذه الصلاة، بقمة طقوسية في رتبتنا المشرقية، وهي في القسم 6، دعوة الروح القدس، والتي بموجب تعليمات الرتبة، تأتي في وقت مهم جدا من القداس، إذ يبدأ التحول بفضل الروح القدس… فيطلب المحتفل من الرب أن يأتي روحه القدوس، ويستقر على قرباننا ويباركه ويقدسه…بعبارات قريبة جدا من عبارات سائر الكنائس الكاثوليكية بمختلف اللغات والمنضوية تحت الطقس اللاتيني، حيث وجدناها مندمجة وسابقة لكلمات سر العشاء الأخير.
ويأتي القسم السابع في رتبة الكسر والوسم، المختصرة بحركة بسيطة في الطقس اللاتيني، ولكن نقوم بها، في طقسنا ضمن نفس المبدأ، ولكن على مراحل تستحق وصف مراحل ملوكية، المشار إليها أعلاه في معرض حديث المقارنة في هذا الشأن، كرمز للموت والقيامة، مما يتطلب ان ينشد المؤمنون أو الجوق ترتيلة مناسبة، مثل: المسيح قام من بين الأموات…
في رتبة الغفران (القسم 8) تأتي رتبة يشترك في الجميع الكاهن والشمامسة والشعب، استعدادا لصلاة الحلة التي يتلوها الكاهن طلبا للتأهل لندعو الله أبانا، والتقرب من القربان.
وفي القسم 9، مع رتبة المناولة والشكران، يتم ابراز أوج استعداد الجميع مع الكاهن بصلاة جماعية، يطلبون فيها إلى الرب: قدس اجسادنا بجسد ك المقدس 3 مرات.
وبالتناول تكتمل مأدبة الخبز الإلهي، ويمكن أن يتم تحت انغام موسيقى او بالاستماع الى تراتيل خاصة بالقربان.
هذه الاشتراك الجماعي في المأدبة الإلهية يجمع بعدئذ المؤمنين والجوقة والشمامسة والكاهن، في برهات ثمينة من الصمت والتأمل. بعدها يقوم الكاهن، ويقوم الشماس بدعوة الشماس للجميع ان يقدموا اشكر على هذا القربان. لنصل الى الصلوات الختامية (القسم 10)
في هذا القسم جاء ايضا الترشيق المنوه عنه في التقديم، برفع بعض التكرار والاضافات، ليقتصر الامر، كما في رتب الكنائس الاخرى، على اختيار صلاة واحدة بعد التناول، وتختم بالبركة الاخيرة، يتم اختيارها ايضا ضمن تشكيلة من البركات المعروفة وبحسب المناسبة.
وبعد،
من دواعي الشكر للرب، أننا نعيش في منعطف نكون فيه جميعا شهودا على انطلاق تجدد على الرتبة التي تسلمناها من دهور، لكيما في هذه مرحلة الممارسة لمدة خمس سنوات، يكون جيل كنيستنا هو الذي يسلمها الى أجيال وأجيال لاحقة. بعد ان وجدت الكنيسة، ببطريركها واحبارها ولجنتها الطقسية، وجدت هذه الرتبة، تعبر عن الحاجة الى التجدد والملاءمة، وفتحت مرحلة جديدة فيها تكون صلوات الكاهن السرية سابقا، متاحة لاسماع المؤمنين وأذهانهم، وبما يؤهلهم الى مشاركة ايجابية اكثر من مجرد حضور شبه صامت، ويؤمل من ثم ان “تنشط الاحتفال وتنعش ايمان المشتركين وتدمجهم في المسيح المحتفى به”.