أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / الخليقة الجديدة – او الولادة من فوق ، اي الميلاد الثاني بالروح.  

الخليقة الجديدة – او الولادة من فوق ، اي الميلاد الثاني بالروح.  

الخليقة الجديدة – او الولادة من فوق ، اي الميلاد الثاني بالروح.  

الجزء الثاني  – سرّ المعمودية   

نافع شابو  

معنى السر في الكتاب المقدس 

السر هو مصطلح كنيسي يعني نعمة الهية سرية لانراها وينالها المؤمن بطريقة سرية بفعل الروح القدس عن طريق صلوات يرفعها كاهن شرعي بطقس خاص بوجود مادة السر 

الأسرار التي جاءت في الكتاب المقدس بمعنى علامات تشير الى امور مقدسة مخفية  ويشترط ان تكون هذه العلامة محسوسة انّها تؤدي الى معرفة شيء آخر تشير اليه كما يقول بولس الرسول عن العماد “من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته “روميا 6 :3 ” اي ان  المعمودية علامة على موت المسيح ودفنه وقيامته  

السر معناه ايضا  اننا ندخل في حياة مع الله ولكن هذه الحياة لانراها بعيوننا ، هي سر يتجاوب مع عقلنا نحن ندخل في هذا لسر نعيش هذا السر ولكن يبقى سر على العقل 

اي ان السر عمل مقدس ننال به نعمة غير منظورة تحت مادة او علامة منظورة وهو ما يناسب الطبيعة البشرية .(1) 

الأسرار الدينية للكنيسة هي طقوس مرئية يقوم بها الكاهن لإحلال بركة إلهية غير منظورة. وهي مستمذة من ما وضعه يسوع المسيح وعهد به إلى رسله لتطبيقها في الكنائس. بحسب الأيمان المسيحي تُمْنَح النِعَم غير المنظورة بواسطة مادة منظورة لأن الإنسان يحتاج إلى أن يشعر بشيء مادي واقعي 

في المسيحية، يُقصد بالأسرار المقدسة مجموعات من الطقوس الغاية منها هي “نوال نعمة سرية (غير منظورة) بواسطة مادة منظورة”. وذلك  بفعل روح الله القدوس الذي حلَّ بمواهبه في يوم الخمسين على تلاميذ ورسل المسيح، وبحسب ما أسسه المسيح نفسه وسلَّمه للرسل وهم بدورهم سلَّموه للكهنة بوضع اليد الرسولية. (كورنثوس الأولى  23:11 

حكمة (سر) الله تُعلَن لمن يؤمن بالمسيح ويقبله ويبرر الله ويتصرف في بساطة قلبه باتضاع = أعلنتها للأطفال. أما من يرفض مشورة الله، لأنه حكيم في عيني نفسه يسلك بلا تواضع فلن يفهم مشورة الله وحكمته ولن يفرح بها = أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء= أي الحكماء في أعين أنفسهم. 

و فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ، رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الحكمة (السر)عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ (لو 21:10-24) ( ) .  

لا نستطيع ان نتصور ما اعده الله لنا سواء في هذا العالم او في الأبدية ، فسيخلق الله سماء جديدة وارضا جديدة وسنحيا معه الى الأبد ، والى ان ياتي ذلك الوقت يعزينا الروح القدس ويرشدنا  

الروح القدس كشف لنا هذه الأسرار “فإنَّ الروح القدس يتقصّى كل شيء ، حتى اعماق الله ” 1كورنثوس 2 : 9″. وهذه الأسرار هي قيامة يسوع وخطة الله للخلاص وهي لاتُعلن الا للذين يؤمنون بأنّ  ما يقوله الله هو حق . فالذين يؤمنون بالقيامة ويضعون ثقتهم في المسيح سيعملون كل ما يحتاجون اليه ليتأكدوا من خلاصهم . وهذه المعرفة لا يستطيع ان يدركها أحكم الناس الا متى قبلوا رسالة الله .وكل من يرفض رسالة الله هو جاهل مهما كان حكيما في نظر العالم .(1كورنثوس 2 :10 

لايستطيع احد ان يدرك الله بجهده البشري ، ولكن الكثير من افكاره معلن لنا بروحه القدوس ، فالمؤمنون أُناس روحيّون لهم بصيرة من جهة بعض خطط الله وأفكاره وأفعاله . فبروحه القدوس نستطيع ان نبدأ في فهم افكاره ومناقشتها معه وانتظار استجابته لصلواتنا (1كورثوس 2 : 15 ،16) . (2) 

يقول ألأب بولس الفغالي عن الفرق بين  السر والمعرفة  في الكتاب المقدس :: 

هناك فرق كبير بين المعرفة والسر مثلاً في يوحنا فصل (3) يقول نيقوديموس, المتعلم على أيدي الكتبة والفريسيين, بفخرٍ ليسوع ذلك الإنسان العادي, غير المتعلم بمدارس الكتبة والفريسيين: نحن نعرف أنك جئت من الله. ولكنه في الحقيقة لا يعرف شيئاً فهو قد جاء إلى يسوع في الليل ومضى أيضاً في الليل. وإذا إلى دفن يسوع يقول الإنجيل تماماً: “يوسف الرامي الذي كان تلميذاً ونيقوديموس الذي جاء إلى يسوع ليلاً” أي أن نيقوديموس لم يكن تلميذاً. والليل عند يوحنا معروف جداً ودلالاتهُ واضحة, أي أن نيقوديموس جاء أعمى ومضى كما أتى بدون أي تغيير. لذلك نرى يسوع يقول لنيقوديموس: “أنت لا تعرف”. إذاً كما يقول يسوع في إنجيل متى: “أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأظهرتها للأطفال” هنا كلمة (هذه) تعني المعرفة. 

يجب أن ندرك أن حياتنا هي دخول في السر. ليس السر بمعناه الحرفي (جدار لا يمكن اختراقهُ) بل على العكس السر هو باب مفتوح وعلينا أن نستعد لندخلَ فيه دون أن نعرف إلى أين يؤدي. هذا ما يفسر قولنا أن القديسين يعرفون أكثر من العلماء ذلك لأنهم دخلوا في سر المسيح. مثلاً إبراهيم, أبو المؤمنين, فهو قد قبلَ أن يدخل في السر رغم أملاكه الكثيرة في أغنى مدن العالم (مدينة أور). بمجرد أن قال الرب له “أترك أرضك وبيتكَ وعشيرتكَ وتعالَ إلى حيث أريك” ترك كل شيءٍ وانطلق رغم عدم معرفته إلى أين يتوجه (إلى حيث أريك).(3) 

هكذ امنا العذراء مريم ويوسف البار اطاعا امر الله بارشاد الروح القدس ودخلا في سر التجسّد والخلاص عندما تجاوزا حرفية الشريعة  ليقبلا شريعة الروح والولادة الجديدة من فوق ،وقبلت مريم العذراء بشارة الملاك لها “بولادة يسوع ابن الله  “من  الروح القدس ، قبل ان تعرف يوسف خطيبها   

كما ان يوسف الذي كان بارا اعلن  له ملاك الرب انّ طفل مريم قد حُبل به من الروح القدس ، وإنّه سيكون إبنا . كان ميلاد الرب يسوع من مريم العذراء على هذا النحو ، أمرا خارقا للطبيعة ، تجاوز إدراك البشر ومنطقهم   (متى1: 18-22) ،(لوقا1 : 35-38)  

 في المسيحية، يُقصد بالأسرار المقدسة هو “نوال نعمة سرية (غير منظورة) بواسطة مادة منظورة” وذلك بفعل روح الله القدوس الذي حل بمواهبه في يوم الخمسين على تلاميذ ورسل المسيح، وبحسب ما أسسه السيد المسيح نفسه وسلَّمه للرسل الأطهار وهم بدورهم سلَّموه للكهنة بوضع اليد الرسولية. (1كو23:11  (4) 

فى المعمودية مثلاً يوجد شئ سرى لا تراه ، وهو الولادة الجديدة من الماء والروح (يو3 : 5) أو أنك فى المعمودية ” تلبس المسيح ” (غل3 : 27) أو أنه فى المعمودية ” تغسل خطاياك ” (أع 22 : 16) . أو أنه فى المعمودية ، تدفن مع المسيح ، وتموت معه (رو6) . هذه النعم هى عمل سرى ، يعمله الروح القدس فى الإنسان ، عن طريق الكاهن بصلوات خاصة ، وبطقس خاص هو تغطيس المعتمد فى الماء ثلاث مرات . أما مادة السر هنا فهى الماء.(5) 

يؤمن المسيحيّون  بسبعة أسرار مقدسة، أسّسها المسيح كينابيع خلاص، وهذا ما آمنت به الكنيسة الأولى عبر الرّسل، وما عاشه آباء الكنيسة أيضًا. إلى أن حدّدت الكنيسة عدد الأسرار في مطلع القرن الثّاني عشر، بالاستناد إلى اللَّاهوتيّ بيير لومبار، ثمّ أعلنت الكنيسة اللائحة الرّسميّة للأسرار في مجمع ليون المسكونيّ سنة 1274، ومن بعده أكّد كلٌّ من المجمع الفلورنسيّ سنة 1439، والمجمع التّريدانتينيّ سنة 1547 على ضرورة الأسرار السّبعة كمؤسسة حقيقةً من الرّبّ يسوع المسيح. هذا الإيمان بالأسرار كينابيع للخلاص يتأتّى من تأسيس الربّ للكنيسة، بمعتى أن تأسيس الأسرار متضمّن في تأسيس الكنيسة 

الأسرار السبعة هي : 

سرالقربان المقدس: أو سر الشكر (الافخارستيا) تناول جسد الرب ودمه والمصنوع من دقيق الحنطة ليتحول إلى غذاء سمائي وخبز سمائي هو جسد الرب، وخمر عصير العنب كدمه(يوحنا 6 :21)(1كورنس 11 :24) 

 عشاء الرب مع تلاميذه هو تصوير منظور للأنجيل : موت المسح لأجل خطايانا ، فهو يركز على ذكرى موت الرب يسوع ، والرجاء المبارك لمجيئه ثانية ، وفي خميس الفصح انشا يسوع المسيح شركة بين المؤمنين ، وهو يقوي ايماننا من خلال شركتنا معه ومع الآخرين  

فجميع المؤمنين اعتمدوا بالروح القدس الى جسد واحد من المؤمنين ، هو الكنيسة . فعندما يؤمن الشخص بالمسح يسكن فيه الروح القدس ، فيصبح إبنا ، أو ابنة ، في عائلة الله (ألهنا اله العائلة)  

سر التوبة: أو سر الاعتراف ويكون وضع الصليب على الرأس هو المادة المنظورة لغفران الخطايا 

سر مسحة المرضى: وفي سر مسحة المرضى يستخدم القنديل (زيت وفتيل)(لوقا 10 :24) 

سر الزيجة: أو سر الزواج يكون الإكليل المقدس على رأس العريس والعروس إشارة إلى إكليل العفة والتقديس(نشيد الأنشاد3 :11) 

سر الكهنوت وتكون المادة المنظورة هي اليد الأسقفية تمنح الموهبة  و السر(سفر الأعمال 6 :6)(غلاطية 2 :9)  

سر التثبيت (زيت الميرون): الذي يحتوي على أنواع أطياب مختلفة إشارة إلى مواهب الروح القدس المتنوعة، وقد إستخدمه الرسل كمسحة مقدسة(يوحنا ألأولى 2 :20، 27) 

هو السّرّ الذي يثبتنا في المسيح، نمسح بالميرون لنكون هكذا مسحاء على شاكلة  المسيح، وشهود حقيقيّين له؛ أقوياء وكاملين 

ولما سمع الرّسل الَّذين في أورشليم أن السّامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس ويوحنّا . الَّذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الرّوح القدس. لأنه لم يكن قد حلّ بعد على أيّ أحد منهم . غير أنهم كانوا مُعتمدين باسم الرّبّ يسوع ، حينئذ وضعوا الأيادي عليهم فقبلوا الرّوح القدس” ( أع 8: 14 – 17 ). وهو أيضًا على مثال سرّ المعموديّة يهب وسمًا وختمًا لا يُمحى، أيّ لا يتكرّر ولا يُعاد. 

سر المعمودية: يُستخدم الماء كمادة منظورة للمعمودية كنعمة غير منظورة للولادة الروحية  

الثانية(اعمال 22 :16 ) .(6) 

سرّ المعموديّة  هو مدخل الأسرار وبابها، وسرّ الولادة الرّوحيّة الجديدة، نخلق خلقًا جديدًا على حدّ تعبير القديس بولس الرّسول، فنصبح شركاء في الطّبيعة الإلهيّة، إذ صرنا أبناء لله، وأخوة ليسوع المسيح، وهياكل للروح القدس، الأمر الذي يجعلنا ورثة للملكوت: ” الحقّ الحقّ أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ” (يو  5:3 

كما يهب سرُّ المعموديّة المؤمنين وسمًا وختمًا لا يُمحى لذلك لا يتكرّر ولا يُعاد مطلقًا، إلاَّ في حالات الشّك في نوال السّرّ، فيُعاد في هذه الحال دون سواها تحت شرط، فيقول خادم السّرّ: أُعمدك يا (فلان) باسم الثّالوث القدوس، الآب، والابن، والرّوح القدس إن لم تكن مُعمّدًا؛ 

يقول البابا فرنسيس عن سر المعمودية 

 المعودية هو السرّ الذي يقوم عليه إيماننا والذي يطعّمنا كأعضاء حية في المسيح وكنيسته، ويشكل مع سريّ الافخارستيا والتثبيت ما يُعرف بأسرار التنشئة المسيحية والتي تشكل معًا حدثًا أسراريًّا كبيرًا يجعلنا نتمثل بالرب ويجعل منا علامة حيّة لحضوره ومحبّته  

فإن تمكنا من إتباع يسوع والثبات في الكنيسة بالرغم من محدوديتنا وهشاشتنا، فذلك بفضل ذلك السرّ الذي به أصبحنا خلائق جديدة ولبسنا فيه المسيح. في الواقع، وبقوة المعمودية نتحرر من الخطيئة الأصليّة ونُطعَّمُ في العلاقة مع يسوع ومع الله الآب ونصبح حملةً لرجاء جديد لا يمكن لأحد أو لأي شيء أن يطفئه، كما ونصبح قادرين على مسامحة ومحبة من يُسيء إلينا ويؤذينا، ونتمكن من رؤية وجه الرب الذي يزورنا ويقترب منا في الفقراء والمنبوذين. هذا ما يفعله سرّ المعموديّة يساعدنا على رؤية وجه يسوع في وجوه المحتاجين والمتألمين، وفي وجه كلّ قريب.(7) 

نيقاديموس كان يعرف العهد القديم الذي يُعلّم به معرفة تامة شاملة ، لكنه لم يفهم ما قيل فيه (عن النبوات ) عن المسيح . فالمعرفة المجرّدة ليست حلاّ (نعم لابد ان نعرف الكتاب المقدس) ولكن ألأهم من ذلك هو ان نُدرك من هو الله الذي يُعلن الكتاب المقدّس والخلاص الذي يهبه الله (3 : 5 ، 6 ) 

“الحق الحق اقول لك ، لايمكن ان يدخل أحد ملكوت الله إلا إذا ولد من الماء والروح”. 

هنا”من الماء والروح” تشير الى :  

1 – التضاد بين الولادة الجسدية(الماء) والولادة الروحية (الروح)  

2- تشير الى الولادة الثانية التي تتم كما قد يمثل الماء ايضا فعل التطهير الذي يجريه روح الله القدوس (تسالونيكي 3 ك5). يشرح الرب يسوع اهمية الولادة الثانية الروحية بقوله إننا لاندخل الملكوت بمعيشتنا حياة افضل ، بل بالولادة الثانية الروحية . والروح القدس يعطي حياة جديدة من السماء …. وبينما كان الروح القدس ، في فترة العهد القديم ، يعطي القوة لأشخاص معيّنين فقط ، ولأغراض خاصة، فإنّ الروح القدس اصبح متاحا ألان لكل المؤمنين . وقد حل الروح القدس لأول مرة على كل المؤمنين (اع 2) . ويوضح الرب يسوع أننا لا نقدر ان نتحكم في عمل  

الروح القدس ، فهو يعمل بطرق لايمكن فهمها او التكهن بها (انه سر). وكما لايتحكم ألأنسان في ولادته الجسدية ، كذلك لايتحكم في ولادته الروحية ، فهذه عطي من الله يقدمها الروح القدس (يوحنا 3 :8 ) 

السر هو مصطلح كنيسي يعني نعمة الهية سرية لانراها وينالها المؤمن بطريقة سرية بفعل الروح القدس عن طريق صلوات يرفعها كاهن شرعي بطقس خاص بوجود مادة السر.(8) 

الأسرار التي جاءت في الكتاب المقدس بمعنى علامات تشير الى امور مقدسة مخفية  ويشترط ان تكون هذه العلامة محسوسة انّها تؤدي الى معرفة شيء آخر تشير اليه كما يقول بولس الرسول عن العماد “من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته “روميا 6 :3 ” اي ان  المعمودية علامة على موت المسيح ودفنه وقيامته “. 

في سر المعمودية: يُستخدم الماء كمادة منظورة للمعمودية لنعمة غير منظورة هي الميلاد الثاني(أعمال الرسل 16:22). 

اول من كشف هذا السر العظيم وربطه ربطا محكما بملكوت الله هو المسيح، عندما جاء اليه نيقاديموس ليلا في اورشليم مضمرا ان يساله عن ملكوت الله الذي يبشر به ، فابتدره المسيح :”الحق الحق اقول لك : إن كان احد لايولد من فوق لايقدر ان يرى ملكوت الله “يوحنا 3 :3” 

التعبير هنا سريّ وبديع ، فالذي يولد من فوق هو وحده الذي يرى ما فوق !. 

بمعنى ، لكي يدخل ألأنسان ملاكوت الله (فوق) يلزم أن يولد من فوق ، مشيرا الى عمل السرّ ألألهي الفائق  

 ولمّا تعذّر على نيقاديموس فهم امكانية الولادة مرة اخرى، اذ ظنها أنها ولادة جسدية ثانية ، انتقل المسيح في الحال ليكشف له ولأول مرة “الولادة من الروحّ” : “الحق الحق اقول لك : إن كان احد لايولد من الماء والروح لايقدر أن يدخل ملكوت الله “يوحنا 3 :5”   

والكلام هنا منطقي وبديع ، فلأنّ ملكوت الله ملكوت روحي ، أصبح لايمكن ان يدخله الا المولود من الروح . ولكي يقطع المسيح خط الرجعة على نيقاديموس فلا يعود يفكر في الجسد ، قال له المسيح :”المولود من الجسد جسد هو ، والمولود من الروح هو روح”يوحنا 3 :6″: هنا السر عميق ، فالمسيح يشير الى ولادة روحية جديدة غير الولادة الجسدية العتيقة . فالولادة ألأولى لبس الأنسان الجسد ، وبالولادة الثانية لبس الأنسان الروح . وصارت ذات ألأنسان جسدا من الجسد (الطبيعة البشرية ) وروحا ايضا بالميلاد من الروح .”امّا الجسد فلايفيد شيئا” يوحنا 6 :63″ من جهة ملكوت الله ، لأنّه من التراب اصلا والى التراب يعود بالموت ، اما ألأنسان الثاني الروحاني المولود من الروح القدس والماء فهو انسان  السماء، ألأنسان الذي من فوق ، المخلوق ليرى ويدخل ملكوت الله ويحيا . 

وهكذا عبّر المسيح عن المعمودية انها الباب المفتوح في السماء ليدخل منه كل من ولد من الماء والروح القدس (9). 

الحوار بين يسوع ونيقوديمس. في الأول، يبدأ نيقوديمس الكلام فيقول: “نحن نعرف” 

(نحن نعرف ان الله ارسلك معلما .3 :2) 

  وفي الثانية، يتساءل نيقاديمس : “كيف يولد الانسان ثانية”؟(3 :4) 

موضوع الحوار الأول: المعرفة أم الولادة. قدّم نيقوديمس نفسه كممثّل للسلطات اليهودية وتكلّم باسمها. لقد رأى في يسوع “مرسل الله”. حدّد له موقعه. فالآيات التي يصنعها تدلّ على أن الله معه كما كان مع موسى (خر 3: 12 حسب السبعينية) ومع إرميا (إر 1: 8). هناك عدد من الرابانيين حسبوا أنبياء حقيقيين. ونيقوديمس جعل يسوع بينهم، جعله في سلسلة مرسلي الله في تاريخ الخلاص. وقد يكون رأى فيه النبي الذي أعلن موسى عن مجيئه في تث 18: 18: “سأقيم لهم نبياً من بين اخوتهم مثلك وألقي كلامي في فمه”. 

حدّد نيقوديمس موقعه على مستوى المعرفة. هو يعرف ويسوع يعرف. هو معلّم ويسوع معلّم 

ولكن يسوع سيقول له فيما بعد: “أنت معلّم في إسرائيل ولا تعرف” (آ 10)؟ لهذا عرض عليه ولادة جديدة: أنت تريد أن تعرف. وأنا أعرض عليك ولادة جديدة. ركّز نيقوديمس سؤاله على يسوع وعلى هويته. ولكن يسوع امّحى في تلك اللحظة، فوجّه كلامه عبر نيقوديمس، إلى كل إنسان: “لا يقدر أحد (أي: إنسان) أن يرى الملكوت “.. وقد يلمّح يسوع تلميحاً أوّل إلى رسالته: من يرى يسوع يرى الآب. هذا ما قاله لفيلبس بعد العشاء السري. “يا فيلبس، من رآني رأى الآب” (يو 14: 9. 

أما الآن، فيشدّد يسوع ويلح بأن على كل إنسان أن ينتقل من “عرف” إلى “ولد”. ثم إن الظرف اليوناني المستعمل يحمل معنيين أو أكثر: ولد “من فوق”. ولد “من جديد”، أو مرة ثانية. ولد “منذ البدء”. لم يخفَ هذا الالتباس على الإنجيلي. فهذه الولادة تأتي (من فوق). إنها عمل الله وحده. ولكننا أمام ولادة جديدة وبداية ثانية 

سأل نيقوديمس: “كيف”؟ أجاب يسوع بشكل دقيق وبلهجة إحتفالية مع تكرار: آمين، آمين. الحق الحق أقول لك، (كان هناك التباس، فرفع الالتباس). لا يستطيع الانسان أن ينال إمكانية الولادة الثانية إلاّ من الآب وحده. يجب أن نُولد من الماء والروح. فالولادة بالروح تتمّ بواسطة ماء العماد 

وُلد ثانية بالروح. فعلى مدّ التوراة، قدّم الله لشعبه إمكانية الحصول على “قلب جديد”  (حز 11: 19؛  

 36: 26- 27؛ أش 44: 3؛ ار 31:  33)     

هذا ما استطاع أن يفهمه نيقوديمس، بل مجمل الجماعة اليهودية. ولكن القسم الأكبر من الشعب اليهودي الذي يرمز إليه نيقوديمس هنا، لم يستطيع أن يتقبّل هذه الولادة الجديدة التي يدعوه إليها يسوع. 

ويشدّد هذا الجزء الثاني من الحوار على الفاعل وعلى نتائج هذا التحوّل. فالفاعل الوحيد هو الله بواسطة روحه. فكلمة “بنفما” تعني الروح القدس وتعني الريح. وهي تتردّد أربع مرّات في آ 5- 8. هنا يتعارض عالم الله (الذي لا ندرك ينبوعه: “لا تعرف من أين يأتي ولا إلى أين يذهب”) مع عالم الإنسان. “الجسد” (أو البشرية واللحم والدم) هو الوجود الأرضي والسريع العطب. 

نحن لا نرى إلاّ نتائج عمل الريح والروح: كما أننا نسمع صفير الريح، كذلك تُرى أعمال الناس المولودين ثانية من الروح (كنيسة يوحنا). “هكذا كل من يولد من الروح”. 

قاد يسوع الحوار بسلطته، وأوقفه ساعة شاء مع الذي جاء كمعلّم في إسرائيل. وانتهى القسم الأول من الفصل مع خيبة أمل يسوع: “أنت معلّم في إسرائيل ولا تعرف هذه الأمور” (آ10). وأعيد المعلّم إلى الكتاب والدرس.. . وشرح أغوسطينس هذا النص مشدّداً على الرمزية فقال: “جاء نيقوديمس إلى الرب. ولكنه جاء ليلاً. جاء إلى النور ولكنه جاء في الظلمة. بحث عن النهار في الظلمة… ولكنه تكلّم إنطلاقاً من ظلمة بشريته (ضعفه). لقد صار نيقوديمس هنا صورة ورمزاً: فعبره انتهت المواجهة الليلية والحقيقية بين يسوع والعالم اليهودي في سوء التفاهم. 

 وسوء التفاهم هذا الذي ما زال يفصل المسيحيين عن اليهود، يكمن في هوية يسوع. ففي نظر البعض (نيقوديمس ويهود عصره) يسوع هو نبي أرسله الله. وفي نظر البعض الآخر (المسيحيون) يسوع هو كائن لا يقدر أن يراه إلاّ الذين وُلدوا من الماء والروح.. يسوع هو هذا الموحي الذي لم يقدر أن يتعرّف إليه نيقوديمس، ومن خلاله الشعب اليهودي. قال يوحنا: “ما من أحد رأى الله. الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه” (1: 18). أجل، يعجز الانسان عجزاً جذرياً عن معرفة الله بنفسه معرفة مباشرة، بل هو يتوق إلى هذه المعرفة. قال تث 4: 12: “كلّمكم الرب من وسط النار، فسمعتم صوتاً ولكن لم تروا صورة”. فمن يقود الناس إلى معرفة الله؟ الابن الوحيد الذي يشارك الآب في حياته مشاركة لا حدود لها. فيسوع يخبرنا عن الله بحياته وأقواله وأعماله. وقد قال في خطبة الافخارستيا: “من جاء من عند الله هو الذي رأى الآب”. بهذه الطريقة يعارض يسوع (وعبره جميع المسيحيين) يهود عصره، حتى القريبين منه مثل نيقوديمس. كما يعارض كل غنوصية (معرفة باطنية) تعتبر أنها تستطيع أن تقدّم معرفة لأسرار الله خارجاً عن يسوع. 

يسوع هو هذا الموحي الذي لم يقدر أن يتعرّف إليه نيقوديمس، ومن خلاله الشعب اليهودي. قال يوحنا: “ما من أحد رأى الله. الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه” (1: 18 

يسوع يخبرنا عن الله بحياته وأقواله وأعماله. وقد قال في خطبة الافخارستيا: “من جاء من عند الله هو الذي رأى الآب”. 

نيقوديمس هو “شعب النصر”، والعبرة التي يعطينا إياها هي تواضعه. رغم مركزه الإجتماعي الرفيع وسعة علمه، جاء إلى يسوع. كان باستطاعته أن يدعوه إلى بيته. لم يفعل بل جاء إليه. سأله في إطار “فقر روحي”. وهكذا تميّز نيقوديمس عن سائر الفريسيين. سيفهمه يسوع أن عليه أن يعود إلى الطفولة الروحية. 

هل سيعود؟ هل سيعود شعبه؟ قد يكون فعل مثل الشاب الغني فتابع يسوع حديثه لا إلى العالم اليهودي، بل إلى الكنيسة التي ستفهم أن ابن الله على الصليب سوف يحيي البشر الذين يؤمنون به.(10) 

قال المسيح للمرأة السامرية  

“كل من يشرب من هذا الماء يعود فيعطش ولكن الذي يشرب من الماء الذي أعطيه أنا ، لن يعطش بعد ذلك أبدا ، بل إنّ ما اعطيه من ماء يصبح في داخله نبعا يفيض فيعطي حياة أبدية”(يوحنا 4 : 13 ، 14).  

فكما يجوع الجسد ويعطش كذلك الروح . إلا أن الروح يتطلب طعاما وماء روحيين . وقد خلطت المراة السامرية بين نوعين من المياه ، لان احدا لم يكلمها من قبل عن عطشها وجوعها الروحيين.  اننا لانفكر في حرمان الجسد من الأكل او الماء عندما نجوع او نعطش ، فلماذا نحرمُ الروح ؟. إنّ يسوع المسيح كلمة الله الحيّة والكتاب المقدس الكلمة المكتوبة قادران على اشباع جوع وعطش نفوسنا (11) 

تلا قداسة البابا فرنسيس في  صلاة الأحد الثاني من زمن المجيء :” أإنّ إنجيل هذا الأحد ينقل لنا دعوة يوحنّا المعمدان “توبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّموات” (متى 3، 2)، وبهذه الكلمات نفسها بدأ الربّ يسوع رسالته في الجليل وهذا هو أيضا الإعلان الذي ينبغي أن يحمله التلاميذ في خبرتهم الإرساليّة الأولى.  

وأكّد قداسة البابا أنّ القدّيس متى البشير شاء أن يقدّم يوحنّا المعمدان على أنّه الشّخص الذي يُعِدُّ الطريق للمسيح الآتي، وقدّم أيضًا التلاميذ الذين سيتمّمون رسالة يسوع التبشيريّة. إنّه الإعلان الفرحِ نفسه: لقد جاء ملكوت الله بل اقترب وهو في وسطنا.  

وشدّد البابا على أهميّة العبارة التي تقول إنّ ملكوت الله موجود في وسطكم وهذه هي الرّسالة المحوريّة في الحياة الإرساليّة المسيحيّة، عندما يعلن المسيحيّ الربّ يسوع ويقول للآخرين إنّ ملكوت الله في وسطكم، هكذا يُعِدُّ الشخص المرسَل الدرب أمام يسوع الذي يلتقي بشعبه. 

الخلاصة : 

الأسرار هي قيامة يسوع وخطة الله للخلاص وهي لاتعلن الا للذين يؤمنون بأنّ ما يقوله الله هو حق . فالذين يؤمنون بالقيامة ويضعون ثقتهم في المسيح ، سيعملون كل ما يحتاجون اليه ليتأكّدوا من خلاصهم . وهذه المعرفة لايستطيع ان يدركها أحكم الناس الا متى قبلوا رسالة الله . وكل من يرفض رسالة الله هو جاهل مهما كان حكيما في نظر العالم.وهذا ما يقوله الرسول بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس . فقد كان الرسول بولس يكتب بوحي مباشر من الروح القدس . لايستطيع احد ان يدرك الله بجهده البشري (روم11: 34) ولكن الكثير من افكاره معلن لنا بالروح القدوس ، فالمؤمنون أُناس روحيّون لهم بصيرة من جهة بعض خطط الله وأفكاره وأفعاله . 

كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ 

فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ 

لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ 

وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، 

الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ(1كورنثوس 2 :9 -13) 

   ———————————————————————————————- 

 

راجع مقال الكاتب – الجزء الأول  

حول ما يشير في العهد القديم الى  مشروع الله في سر الخلاص و الولادة الجديدة  الروحية 

https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1011038.0.html 

 

(1) 

موقع حياتنا مع المسيح :”ماهو السر المسيحي وما هي دلالاته”  

(2) 

التفسير التطبييقي للكتاب المقدس  

(3) 

الأب بولس الفغالي 

السر في الكتاب المقدس 

http://www.peregabriel.com/aveomaria/article.php?id=1573 

 

(4) 

http://www.christian-guys.net/vb/showthread.php?41010 

(5) 

https://www.facebook.com/173537542760583/posts/531940153586985/ 

(6) 

مقال 

 لماذا يؤمن الكاثوليك بأسرار الكنيسة السبعة ؟ 

(7) 

رسالة البابا فرنسيس  

في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا فرنسيس يتحدث عن سرّ المعمودية 

(8) 

شرح التفسير التطبيقي للكتاب المقدس عن 

(9) 

متى المسكين كتاب الخليقة الجديدة  للأنسان في الأيمان المسيحي ص 82-83 

(10) 

سلسلة مؤلافات واعمال الأب بولس فغالي  

https://boulosfeghali.org/2017/frontend/web/index.php?r=site/text&TextID=1428&CatID=399&SectionID=30 

 

(11) 

 

التفسير التطبيقي للكتاب المقدس 

عن Maher

شاهد أيضاً

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة

مسحة المرضى، سرّ من أجل الحياة الاب أدّي بابكا راعي كنيسة مار أدّي الرسول في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.